العباس، وتأويل الظل أن الأرض لا تخلو من الظل أبداً، وكذلك لا تخلو من خليفة عباسي أبد الدهر (?).
كانت دعوة شيعة بني العباس في خراسان قوية، فقد ظهر أمرهم وكثر من يأتيهم وجعلت الدّعاية العباسية وحملتهم الإعلامية تستهدف أفعال بني أمية وما نالوا من أمر رسول الله، حتى لم يبق بلد إلا فشا فيه هذا الخبر وظهر الدعاة ورئيت المنامات وتُدورست كتب الملاحم (?)، وكان اختيار اللون الأسود هو الخطوة الأولى، ثم كانت الخطوة الثانية هي إرسال الرايات إلى خراسان، فكان أن بعث بأبي سلمة إليها: بعد أن دفع له ثلاث رايات سود، وأمره أن يدفع واحدة إلى من بمرو من الشيعة، ويدفع واحدة إلى من بجرجان من الشيعة ويبعث بواحدة إلى ما وراء النهر فشخص أبو سلمة إلى خراسان، فكان أول من قدمها بالريات السود (?). وكان وصول الرايات مترافقاً مع حال الفوضى المستشرية في خراسان، وقد أفاد من ذلك أبو سلمة وسليمان بن كثير، وكانت الفتنة التي نشبت بين نصر وعلي الكرمالي ثم ابنه جديع الكرماني تتأجج بفعل تأثير السياسات المركزية (?)، ثم فتحت جبهة جديدة لوالي الأمويين بخراسان بقيادة شيبان الحروري، فكانت الفرصة مواتية لأبي مسلم أكثر، فدخل هذا المعترك بعد أن ضعفت قوة نصر بن سيار وانضمت إلى أبي مسلم كل الفئات الغاضبة في خراسان (?).
في عام 129 هـ كانت أول صلاة عيد علانية للعباسيين وقد أمر أبو مسلم سليمان بن كثير أن يصلى بالناس ونصب له منبراً، وأن يخالف في ذلك بني أمية ويعمل بالسنة فنودي للصلاة، الصلاة جامعة، ولم يؤذن ولم يقم، خلافاً لهم وبدأ بالصلاة قبل الخطبة وكبّر سبعة في الأولى قبل القراءة لا أربعاً وخمساً في الثانية لا ثلاثاً خلافاً لهم. وابتدأ الخطبة بالذكر والتكبير وختمها بالقراءة وانصرف الناس من صلاة العيد وقد أعّد لهم أبو مسلم طعاماً، فوضعه بين أيدي الناس وكتب إلى نصر بن سيّار كتاباً بدأ فيه بنفسه، ثم قال: إلى نصر بن سيّار، بسم الله الرحمن الرحيم، أمّا بعد، فإنَّ الله تبارك أسماؤه عيَّر أقواماً في كتابه فقال: " وأقسموا بالله جهد إيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلمّا جاءهم تذير ما زادهم إلا نفوراً استكباراً في الأرض ومكر السَّيَء ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنت الأوَّلين فلن تجد لسنت الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً " (فاطر: 42، 43). فعظم عليه أن قّدم اسمه على اسمه، وأطال الفكرة وقال: هذا كتاب له جواب (?)، ثم بعث نصر بن سيار خيلاً