ومناوشات، لم تؤد إلى نتيجة حاسمة، وظل الفريقان على هذه الحال حتى ظهرت مشكلة أكثر خطورة تمثلت بالخوارج الذين برزوا مجدداً على مسرح الأحداث، وانهمك مروان الثاني في التصدي لهم، وترك أمر عبد الله بن عمر (?)

8 - ثورة سليمان بن هشام بن عبد الملك 127 هـ:

توقع مروان أن مصاهرته لأبناء هشام بن عبد الملك كافية لرأب الصدع بين أبناء البيت الأموي كله، وأن الأمر في الشام قد استقام له ولهذا أخذ في إعداد جيش قوامه عشرون ألفاً تحت قيادة يزيد بن عمر بن هبيرة لمواجهة ثورة الخوارج في العراق الذين خرجوا عليه بزعامة الضحاك بن قيس الشيباني منتهزين فرصة انشغاله بثورات الشام، كما ضرب على أهل الشام بعثاً للحاق بيزيد ومعاونته في حرب الخوارج، وكان سليمان بن هشام - شقيق زوجتي ولدي مروان - قد استأذنه في الإقامة بالرصافة أياماً للراحة فأذن له (?)، وبينما يقوم مروان بالإشراف بنفسه على تجهيز جيش ابن هبيرة في قرقيسياء، فاجأته ثورة عارمة قادها صهره سليمان، حيث انفلت عشرة آلاف من أهل الشام الذين استنفرهم مروان لقتال الخوارج وذهبوا إلى سليمان بالرصافة، ودعوه إلى خلع مروان، فأجابهم إلى ذلك دون أن يعبأ ببيعته وعهوده التي قطعها على نفسه للخليفة ولا مراعاة لصلة الرحم والمصاهرة الجديدة بل ودون أن يضع في تقديره الظروف التي تمر بها الدولة الأموية كلها، استفحلت ثورة سليمان فقد اجتمع حوله سبعون ألفا عسكر في قرية تسمى خساف من أعمال قنسرين (?). فاجأت هذه الأخبار مروان على غير توقع، فقرر أن يسير إلى سليمان بنفسه فقصده في خساف، حيث دارت بينهما معركة كبيرة هزم فيها سليمان، وقيل - قتل حوالي ثلاثين ألفاً من إتباعه (?)، وهرب هو بمن بقي من جيشه إلى حمص، ولكن مروان لاحقة إليها، ففر منها هارباً قبل وصول مروان، تاركاً فيها أخوه سعيد بن هشام، ثم وصلها مروان وضرب عليها الحصار لمدة عشرة أشهر، ثم استسلمت له (?).

في هذا الجو العصيب، الذي انقسم فيه الأمويون على أنفسهم وأخذوا يحاربون بعضهم البعض، وبينما مروان يحاول رأب الصدع وإعادة الأمور إلى نصابها في الشام والحجاز والعراق واليمن وبينما مروان يواجه هذا الموقف الصعب وينتقل من ميدان إلى ميدان، فاجأته الثورة العباسية من خراسان كالسيل المنُهمر، فاكتسحت قواته في خراسان والعراق ثم كانت هزيمته الساحقة في موقعة الزاب في جمادى الآخرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015