هو يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، وأمه شاه آفريد بنت فيروز بن يزدجرد، آخر ملوك الفرس (?)، وكان يجمع في أصوله بين الدم العربي والفارسي والرومي والتركي، فجده لأبيه
عبد الملك بن مروان، وهو عربي، وجده لأمه فيروز بن يزدجرد وهو فارس وجدة جده لأمه ابنة قيصر، وأم جدته لأمه ابنة خاقان الترك (?)، فكان يفخر ويقول:
أنا ابن كسرى وأبي مروان ... وقيصر جدى وجدى خاقان (?)
لما وافت يزيد البشائر بخمود الفتن خرج إلى الجامع في موكب مشهود وألقى ما يسمّونه في العصور الحديثة خطاب العرش وقد ضمن فيه أصول سياسته (?) في الحكم. وتعتبر خطبته أوفى صياغة لمشروعه فبعد أن حمد الله قال: أيها الناس والله ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا حرصاً على الدنيا ولا رغبة في الملك وما بي إطراء نفسي وإني لظلوم لها، ولقد خسرت إن لم يرحمني ربي. ولكني خرجت غضباً لله ودينه، وداعياً إلى الله وسنة نبيه، لما هدمت معالم الهدى، وأطفئ نور التقوى وظهر الجبار العنيد المستحل لكل حرمة، والراكب لكل بدعة، مع أنه والله ما كان يؤمن بيوم الحساب، ولا يصدق بالثواب والعقاب، وإنه لا بن عمي في النسب وكفئ في الحسب فلما رأيت ذلك استخرت الله في أمره وسألته أن لا يكلني إلى نفسي، ودعوت إلى ذلك من أجابني من أهل بيتي حتى أراح الله منه العباد وطهر منه البلاد بحول الله وقوته لا بحولي وقوتي: أيها الناس إن لكم عليّ أن لا أضع حجراً على حجر ولا لبنة على لبنة، ولا أكري نهراً ولا أكنز مالاً، ولا أعطيه زوجاً ولا ولداً، ولا أنقل مالاً من بلد إلى بلد حتى أسد فقر ذلك البلد وخصاصة أهله بما يغنيهم، فإن فضل فضل نقلته إلى البلد الذي يليه ممن هو أحوج إليه منه وأن لا أجمّركم في ثغوركم فافتنكم أهليكم، وأغلق بابي دونكم، فيأكل قويكم
ضعيفكم، ولا أحمل على أهل جزيتكم ما أجلبهم به عن بلادهم وأقطع نسلهم، ولكم عندي أعطياتكم في كل سنة، وأرزاقكم في كل شهر، حتى تستدر المعيشة بين المسلمين فيكون أقصاهم كأدناهم، فإذا أنا وفيت لكم فعليكم بالسمع والطاعة وحسن المؤازرة