على الإسلام، فخلت خطبهم من تكفير الأمويين (?)، وصَدَّ المهدي والرشيد الرواة الذين كانوا يُداهنونهما عن التعريض بالأمويين وتجريحهم، بل إنهما انتصرا للوليد، ونفيا عنه تهمة الزندقة ونزّهاه عنها، إذ أن المهدي كان إذ ذُكر الوليد في مجلسه يقول: رحمه الله، ولا رحم قاتله، فإنه كان خليفة مجمعاً عليه. وقيل له: إن الوليد كان زنديقاً، فقال: إن خلافة الله أعز وأجلُّ من أن يؤُليَّها من لا يؤمن (?). ويروى أن ابنا للغَمِر بن يزيد بن عبد الملك دخل على الرشيد فقال ممَّن أنت؟ قال: من قريش. قال: منأيَّها؟ فأمسك. قال: قل وأنت آمن، ولو إنك مروانيُّ. قال: أنا ابن الغَمْر بن يزيد. قال: رحم الله عمّك، ولعن يزيد الناّقص وقتلة عمَّك جميعاً، فإنهم قتلوا خليفه مجمعاً عليه (?). ارفع حوائجك فرفعها فقضها وقد تَنَّبه كثير من المؤرخين إلى أن الأخبار التي تقدح في دين الوليد وتتهمه بالزندقة مصنوعة، فتوقف فريق منهم عندها، وتحَّرَّجوا من رواياتها ولم يستطيعوا القطع برأي فيها، منهم ابن شاكر فإنه يقول: اتَّهمه بعضهم بالزندقة والانحلال والله أعلم (?). واليافعي يقول: ذكروا عنه أشياء قبيحة في الدين والعرض أكره ذِكرها، والله أعلم بذلك (?). ولكن فريقاً من المؤرخين رفضوها، وجزموا بوضعها، وأشار بعضهم إلى أنها أثر من آثار السياسة (?)،
منهم ابن الأثير فإنه يقول: وقد نزه قوم الوليد بن يزيد مما قيل فيه، وأنكروه ونفوه عنه وقالوا: إنه قيل عنه، وأُلصِقَ به، وليس بصحيح (?)، والذهبي يقول: لم يصح عن الوليد كفر ولا زندقة (?)، وابن خلدون فإنه يقول: لقد سارت القالة فيه كثيراً وكثير من الناس نفوا ذلك عنه وقالوا: إنها من شناعات الأعداء، ألصقوها به (?)، وابن تغرى برد فإنه يقول: ذكر عنه بعض أهل التاريخ أُموراً استبعد وُقُوعها (?)، وكرر السيوطي (?). رأي الذهبي واقتصر عليه. وهذا هو الصحيح والله أعلم إن مقتل الوليد بن يزيد وقتال الأمويين بعضهم لبعض حطمت قواهم وعجلت بزوالهم.
=