بعضها لبعض وهي الأساس في جند بني أمية، فتفكك جيش الدولة في العاصمة، وتصدعت قوتها الضاربة وتمزقت.
ج- نشأت عن قتل الوليد تفسخ الأسرة الأموية بفرعيها السُّفياني والمروانيَّ وتناحرها وتفانيها في سبيل الفوز بالحكم والملك (?).
د- تتابع الفتن: اضطرب حبل بني مروان بعد مقتل الوليد وهاجت الفتن وتتابعت الأحداث ولم تنقطع إلا بزوال الملك، وإنّ في ذكرها لعبرة للمتبصرين. فقد وثب سليمان بن هشام بن عبد الملك على يزيد بن الوليد بعمان - وكان منفياً هناك واحتوى على ما بها من أموال الدولة: واستمّر إلى أن استقدمه يزيد وعفا عنه، وثار أهل حمص وكاتبوا الأجناد ودعوهم إلى الطلب بدم الوليد فأجابوهم وعقد هؤلاء الثّوار بينهم عقداً تحالفوا عليه، خلاصته أن لا يدخلوا في طاعة يزيد، وإن كان وليَّا عهد الوليد حيَّيْن عقدوا البيعة لهما وإلا جعلوها لخير من يعلمون، على أن يعطيهم العطاء من المحرم إلى المحّرم، ويعطيهم للذريّة وأمرّوا معاوية بن يزيد بن حصين، فلما بلغ يزيد بن الوليد خبرهم وجّه لهم رسولاً وكتب إليهم أنه ليس يدعو إلى نفسه ولكنه يدعوهم إلى الشورى. فاجتمع رؤساء الثائرين للمناقشة في ردّ الجواب فقال عمرو بن قيس السكوني: نحن راضون بولييَّ عهدنا: يعني ابني الوليد. فقام إليه يعقوب بن عمير وأخذ بلحيته فقال: أيها العشمة إنك قد فيّلت وذهب عقلك إن اللذين تعنيهما لو كان يتمين في حجرك لم يحلل لك أن تدفع إليهما ما لهما فكيف أمر الخلافة؟ أما تتقي الله؟ فحصل بينهما شجار ثم عادوا واتّفقوا على عدم الجواب وطرد رسل يزيد، ولما اتصل ذلك بيزيد سير إليهم الجيوش وتجهز أهل حمص وصاروا إلى دمشق حتى وافوا عذراء وهي على أربعة عشر ميلاً من العاصمة الأموية (?).
فنهد إليهم عبد العزيز بن الحجّاج في ثلاثة آلاف وأمره أن يثبت على عقبة السلام، وحين التقي الجيشان بالثائرين حمل عبد العزيز بن الحجاج فانهزم الثّوار فتبعهم عبد العزيز فناداه يزيد بن خالد القسري: " الله الله في قومك " فكفّ عنهم على أن يبايعوا ليزيد، وأرسل وجوههم إلى دمشق معتقلين، ولما وصلوا بايعوا مع أهل دمشق ليزيد، فعفا عنهم وأعطاهم أموالاً واستعمل عليهم معاوية بن يزيد بن حصين
برضاهم (?).
- ثورة أهل فلسطين: وثار أيضاً أهل فلسطين لما أتاهم نبأ مقتل الوليد وكان رئيسهم يومئذ سعيد بن روح وبن زنباع. فكتب إلى يزيد بن سليمان بن عبد الملك أن الخليفة قد قُتِل، فأقدم علينا نولك أمرنا. فجمع له سعيد قومه وكتب إلى عامل فلسطين سعيد بن عبد الملك وهو نازل بالسبَّعَ. ارتحل عنّا فإن الأمر قد اضطرب وقد ولينا أمرنا رجلاً ارتضيناه (?). فخرج ولحق بيزيد بن الوليد.