لسلطانهم ودولتهم، مما يدل عليه قوله لقطن مولاهم، وقد استدعاه العباس ليعرف منه نوايا يزيد وأهدافه التي أخذ يخفيها عنه بعد أن كَفَّه وتوَعَّده: ويحك أترى يزيد جاداَّ؟ قال: جعلت فداك، ما أظن ذلك، ولكنه دخله مما صنع الوليد وتهاونه بالأمور، ما ضاق به ذرعاً قال: أما والله إني لأظنه أشأم سخلة من بني مروان ولولا ما أخاف، من عجلة الوليد، مع تحامله علينا لشددته وثاقاً وحملته إليه. فازجره عن أمره، فإنه يسمع منك (?)،
ومما يتضح له تَمثَّل بعد أن أتاه أخوه بشر، وكلمه في خلع الوليد، وبيعة يزيد، فنهاه وقال: يا بني مروان، إني أظن أن الله قد أذن في هلاككم (?). فهو يحذر فيها قومه من الفتنة ويسألهم أن يتوادعوا ويتضامنوا ويتأسوا بالأمويين الأوائل أهل الصرامة والبأس والتقوى، الذين صانوا دينهم ونياهم، فانقادت الأمة لهم، ورسخوا أركان دولتهم بعزمهم الشديد، ونضالهم العنيد، وخلقهم النبيل حتى يحافظوا على عزتهم وكرامتهم، ولا يطمعوا أعداءهم في ملكهم، منذراً لهم بالدمار والانهيار إذا استمروا متدابرين متناحرين، فإنه لا تصلح رعية إلا إذا صلح القوامون عليها (?) يقول:
يا قومنا لا تملوا نعمة لكم ... جججج
إنَّ الإله لكم فيما مضى صَنَعُ (?) ... فأنتم اليوم أهل المُلكُ مذْحِقبٍ
وأهل دنيا ودينٍ ما به طمع (?) ... فانْفُوا عَدُوَّكم عن نحت أثْلِتكم
واستجمعوا إن أمر الدين مجتمع (?) ... قوموا عليه كما قام الأُولى نصروا
حتىَّ تولوا وما خافوا وما جزعوا ... إنّ الكبير عليكم في ولايتكم
أن تصبحوا وعمود الدَّين منصدع
لا تُلْحَمُنَّ ذئابَ الناس أنفسكم ... إنَّ الذئاب إذا ما أُلُحمَت رتعوا (?)
لا تَبُقُرنَّ بأيديكم بُطونَكُمُ ... فثم لا حسرةُ تغني ولا جزع
إنَّي أُعيذكم بالله من فتن ... مثل الجبال تَسامى ثمَّ تندفع
لسم كمن كان قبل اليوم يسعرها ... بالمشرفيه بيضاً حين تنُتْزَعُ
والسمهريَّة مطرور أنسِنَّتُها ... وحومة الموت تغلي وردُها شرع (?)