فقال: كيف أبايع من لا أصلّي خلفه ولا أقبل شهادته؟. فقال له قوم من أهله: كيف نقبل شهادة الوليد مع مجونه وفسقه؟ قال: أمره غائب عنًّي ولا أعلمه يقيناً، وإنما هي أخبار الناس (?) فاضطغنها عليه الوليد حتى نكبه (?) ويرون في نكبته أمور منها مناهضة خالد لسياسة الوليد كانت السبب المباشر في غضبه عليه فقد رفض المبايعة لا بني الوليد بولاية العهد (?)، ثم تكتم على اليمنية الذين كانون يخططون لاغتيال الوليد، ولم يُدله عليهم، لأنه لما أراد الوليد الحج في السنة التي بويع فيها، شاور خالداً في الخروج، وكان لا يألوه نصحاً وهو مطلع على ما أجمع عليه زعماء مضر وقضاعة واليمانية من الفتك به. فقال: أخّر الحج العام. فقال: ولم؟ فأبى أن يكاشفه بما علم اتّقاء الفتنة فأمر بحبسه وأن يستأدى من أموال العراق أيام كان عليه ودفعه إلى خاله يوسف بن عمر وكان على العراق وقبض فيه خمسين مليون درهم وسار به عمر إلى العراق ومكث في العذاب إلى أن مات قتيلاً سنة 126 هـ (?)، وكان آل القعقاع يتولون أهّم الولايات. فكان الوليد بن القعقاع على قنسرين وعبد الملك أخوه على حمص، فعزلهما وعين يزيد بن عمر بن هبيرة ودفع إليه آل القعقاع فعذبهم ونكل بهم حتى مات الوليد وأخوه عبد الملك في العذاب ورجلان من آلهما (?).
ونظراً إلى هذه الأسباب فقد اضطعن على الوليد آل هشام وآل الوليد ابني عبد الملك وآل القعقاع واليمانية ومضر وألبّوا عليه الأمة (?). وقد قام الوليد بن يزيد بحملة انتقامية واسعة النطاق شملت كل من عاداه ودعم هشام ضده، فدلل ذلك على ضيق أفقه السياسي فلم يحاول طي صفحة الماضي، أو على الأقل تأجيلها لحين التمكن وإيجاد الموالين والأعوان داخل الدولة، وقد أدت خطواته الانتقامية إلى تكتل القوى المختلفة ضده واشتراكها بالحركة التي أودت بحياته وخلافته (?).
1 - بنو أمية: كثر الأمراء الأمويين في الفترة الأخيرة من دولتهم وكان أغلبهم من ذرية عبد الملك وعبد العزيز، ومحمد بن مروان بن الحكم، وأقلهم من حفدة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ويستفاد من أخبارهم أنهم كانوا طائفتين، فمعظم الأمراء الصغار من أولاد الوليد وهشام والحجاج بن عبد الملك بن مروان، ومن أبناء عمر بن عبد العزيز كانوا عصبة واحدة على