الدولة مع الوليد بن يزيد الذي غمس نفسه في فتنة العصبية القلبية، كما غمس نفسه في اللهو والترف (?).
شعر الوليد بن يزيد عند توليه الخلافة (125 هـ) بالآثار المّدمرة التي تركتها حملة التشهير عليه وعلى خلافته، فبادر بمبايعة ابنيه الحكم وعثمان بولاية عهده بعد شهر واحد فقط من توليه الخلافة (?)، منتهزاً هذه الفرصة لمخاطبة المسلمين في كافة الأمصار عبر كتابته بالعهد لهما (?). فأعاد الوليد فيه مّرة أخرى التأكيد على الطروحات الأموية، تقوية لمركزه وإضعافاً لخصومه، فهو خليفة مستخلف من الله على منهاج نبوة محمد صلى الله عليه وسلم: لإنقاذ حكمه وإقامة سنته وحدوده، والأخذ بفرائضه وحقوقه. وأكد الوليد فيه على مكانة الخلفاء عند الله، وأنه سبحانه تكفل بهم وبنصرتهم على أعدائهم.
ومضي الوليد في كتابه فأكد على فكرة الطاعة التامة، وإن طاعة الأمة للخليفة من طاعتها لله تستوجب بها الجنة، وإن من شاقه وخالفه يستوجب عذاب النار، حاضاً على الطاعة والتزام الهدوء والسكينة محاولاً بذلك قطع الطريق على مناوئيه (?).
يذكر التاريخ جنايات كثيرة للوليد على الدولة الأموية، وكان أعظمها إفساده بني عمّيه هشام والوليد والوزراء والولاة واليمانية وهم الدولة، فقد قام بجلد ابن عمّه سليمان بن هشام وتغريبه إلى عمّان لأمور كان ينقمها من أبيه وهو وليَّ عهده وكان سليمان ناشطاً محبوباً معدوداً من أكابر الرجال علماً وسياسة ودراية بالحروب ومعرفة بحيلها ومكائدها وأغتصب الوليد بن يزيد جارية لآل عمّه فكّلمه فيها عمر بن الوليد فأبى ردّها فقال له عمر: إذن تكثر الصواهل (?) حول عسكرك (?).
وأراد البيعة لابنيه الحكم وعثمان، وكانا غلامين، وسجن الوزير سعيد بن صهيب لنهيه إيّاه عن البيعة لابنيه فغضب عليه وتركه في السجن حتى مات. وعرض أمر البيعة لابنيه على خالد بن عبد الله القسري وكان رأس ولاة الأمويين وشيخ وزرائهم وأعظم قائد لجند اليمانيةّ.