القدر الأكبر في ذلك (?)، وبالإضافة إلى قيادتهم للغزوات كان هشام يسند إمرة الحج في بعض السنوات إلى أحدهم، ففي سنة تسع عشرة ومائة حج بالناس مسلمة بن هشام ويزيد بن هشام في سنة ثلاثة وعشرين، وكان الزهري يرافقهم في الحج ويرشدهم ويوجههم إلى ما فيه الخير لأنفسهم وأمتهم، فلما قدم مسلمة المدينة في حجة أشار عليه الزهري أن يضع إلى أهل المدينة خيراً، وحضه على ذلك، فأقام في المدينة نصف شهر، وقسم الخمس على أهل الديوان وفعل أموراً حسنة (?).
ب- موقف الزهري من خلع الوليد بن يزيد بن عبد الملك:
من أهم أمور الزهري السياسية في عهد هشام بن عبد الملك موقفه من خلع الوليد بن يزيد بن عبد الملك من ولاية العهد، فقد كان يزيد بن عبد الملك عهد بالخلافة لهشام ومن بعده لولده الوليد وأخذ العهد بذلك على هشام فلما آلت الخلافة إلى هشام كان الزهري يرى خلع الوليد بن يزيد ويحث هشام على ذلك، وعند ما أبدى هشام تخوفه من عدم قبول من في الأجناد لذلك قال الزهري له: فوجهني حتى أسير في الأجناد جنداً جنداً فأخلعه (?). ولعل مما يؤيد صحة خبر موقف الزهري من خلع الوليد أن الأخبار لم تقف عند حد ذكر الموقف فحسب، بل وردت أخبار توضح ما ترتب على هذا الموقف من رد فعل عند الوليد تجاه الزهري، فأورد ابن عساكر أن الوليد كان يقول للزهري: إن أمكنني الله منك يوماً فستعلم. وكان الزهري يقول: إن الله أعدل من أن يسلط على سفيها (?)، بل لم ينتظر الوليد حتى يلي الخلافة فقد أرسل إلى مال الزهري ببدا وشغب (?) فعقر أشجاره. وصدق الله ظن الزهري حيث توفي - رحمه الله - قبل أن يلي الوليد الخلافة (?)، وإذا قلنا بإمكان اتخاذ الزهري لذلك الموقف من الوليد فيمكننا أن نتلمس السبب الدافع الذي جعله يقف هذا الموقف، وهو أن الزهري لما رأى ميل الوليد للهو والمجون ووقوعه في الفسق وعدم تركه لذلك رغم نهيه عن ذلك فخشي إن آل إليه أمر الخلافة أن يكون ذلك ضعف للأمة وانفتاح باب الفساد في الدين والأخلاق حيث الناس على دين ملوكهم (?).
وعلى الرغم من أن كثيراً مما نسب إلى الوليد بن يزيد مبالغ فيه وبعضه مكذوب إلا أن فسقه وميله للهو والمجون أمر مشهور عنه وثابت في أغلب المصادر التي تحدثت عنه، وهذا ما جعل الزهري