طمأنة عبد الملك وصرف نظره عن الاشتغال بأمره وما قد يترتب على ذلك ما اتخاذ بعض القرارات التي تقضي بتتبع علي بن الحسين والتضييق عليه (?).

وقد كان الزهري يستغل الأوقات، والفرص المناسبة لتقديم النصح لعبد الملك، فحين سأله عبد الملك عمن يسود الأقاليم ذكر أكثر الأقاليم ومن يسودها من الموالي بعلمهم وديانتهم، قال عبد الملك: والله ليسودن الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها، فقال الزهري حينئذ: يا أمير المؤمنين إنما هو أمر الله ودينه، من حفظه ساد ومن ضيعه سقط (?). وفي هذا لفت انتباه عبد الملك إلى أهمية التمسك بالدين حيث فيه الرفعة والسيادة وفي تضييعه الذل والهوان (?). وبالرغم من إنه ورد ما يُشير إلى قدوم الزهري على الوليد بن

عبد الملك (?)، ومصاحبته لسليمان بن عبد الملك (?)،إلا أن مكانته عند هشام كانت أعظم، وأثره في عهده أظهر وأكبر، يرجع في ذلك إلى طول المدة التي قضاها الزهري عند هشام، وتقريب هشام له حيث جعله مؤدباً لأولاده، فعندما حج هشام في بداية خلافته سنة ست ومائة للهجرة حج معه الزهري وجعله مؤدباً لأولاده وبقي الزهري في بلاط هشام حتى توفي أي قرابة عشرين سنة (?)، ومن المؤكد أن يكون للمدة التي قضاها الزهري في بلاط هشام أثر على استقامة هشام وأسرته، فأما هشام فقد اتصف بعدد من الصفات الحميدة كالحلم والأناة وكراهة سفك الدماء ومعاقبة أصحاب الخمور وأهل الغناء (?).

أ- أثر تربية الزهري لأولاد هشام:

وأما أولاد هشام فكان أثر تربية الزهري عليهم كبيراً حيث تولى تربيتهم وتعليمهم مُنذ الصغر على الأخلاق الحسنة ومعالي الأمور. ويقول محمد شراب: كان للزهري تأثير في تربية أولاد هشام، فكانوا نعم الشباب خلقاً وسلوكاً ... وكانوا قادة فتوح وجنود دعوة فتح الله على أيديهم بقاعاً كثيرة، ودخلت بلاد بغزواتهم في دين الإسلام (?)، وحين نتتبع الغزوات في عهد هشام فسنجد أن لأبنائه النصيب الأوفر في قيادتها، فلا تكاد تمر سنة إلا وأحدهم أو عدد منهم على رأس غازية تغزو. وقد كان لمعاوية بن هشام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015