لغلبتهما عليه دون غيره (?). ولد الإمام الزهري في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تكن سنة ولادته معلومة على وجه التحديد وقد اختلف العلماء في تحديدها ورجح الدكتور حارث سليمان الضّاري بأن سنة ولادته كانت سنة إحدى وخمسين (?) في خلافة معاوية نشأ الإمام الزهري في المدينة المنورة بعد ولادته فيها وكانت المدينة محط أنظار طلاب العلم وعشاق المعرفة الذين وفدوا إليها من كل حدب وصوب (?)، ويعتبر الزهري من التابعين الأفذاذ وقد بدأ الإمام الزهري طلبه للعلم مبكراً وكان أول شيء اتجه إليه القرآن الكريم وقد حفظ القرآن في ثمانين ليلة (?)، وتعلم علم الأنساب ثم السنة المطهرة، ومعرفة الحلال والحرام، وكان إذا فرغ من تلقى العلم عن أساتذته يستعيد ما تلقاه منهم، ويتذكر ما رواه عنهم رغبة في جمعه وحفظه وخوفاً من ضياعه ونسيانه، وكان انصرافه إلى المذاكرة والحفظ، وانشغاله لهما كلياً مدعاة لإثارة حفيظة زوجته عليه، فقد روى عنها أنها قالت له يوماً: والله لهذه الكتب أشد علي من ثلاث ضرائر (?)
فقد كان يتمتع برغبة صادقة في طلب العلم مع ذكاء فائق وعزم أكيد وساعدته عوامل عدة في تحصيله للعلم منها، شجاعته الأدبية، صبره وتحمله لملازمته لكثير من أفاضل شيوخه وطول مجالسته لهم، كسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبه وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ولازمهم طويلاً (?) وكان شديد الاحترام لشيوخه، وكما اهتم بالرحلة في طلب العلم (?) في عصره من علوم ومعارف وجمع ما لم يجمعه الكثير من أقرانه ومعاصريه حتى أصبح علماً يُشار إليه بالبنان، وإماماً يقتدي به في كل فن وشأن، فوصف بأنه أعلم أهل زمانه وأنه أجمعهم، ووصف بغير ذلك من الأوصاف الدالة على فضله وتقدمه وطول باعه في نواحي المعرفة المختلفة (?)، فقد روي عن مكحول إنه قال: ما رأيت أحداً أعلم بسنة ماضية من الزهري (?)، وقد ضرب بكل علم من علوم عصره بسهم وافر وكان لذلك يضرب به المثل، فقد قال الذهبي في وصف عمر بن عبد العزيز: فصار