في قضاء حقك وتوقير مجلسك، من أن أذكرك نعمة الله عندك، فأنبهك إلى شكرها، وما أجد لذلك شيئاً هو أبلغ من حديث من تقدم قبلك من الملوك، فإن أذن أمير المؤمنين أخبرته وكان هشام متكئاً فاستوى قاعداً فقال: هات يا ابن الاهتم، فذكر ابن الأهتم قصة أحد الملوك الذين خرجوا إلى البرية في عام يشبه عام خروج هشام حيث الربيع فقال لجلسائه هل رأيتم مثلما
أنا فيه؟ وعنده رجل من بقايا حملة الحجة والمضي على أدب الحق ومناهجه، فقال له: أيها
الملك: إنك سألت عن أمر أفتأذب في الجواب؟ قال نعم، قال: أرأيت ما أعجبت به؟ أهو شيء لم تزل فيه أم هو شيء صار إليك ميراثاً من غيرك، وهو زائل عنك وصائر إلى غيرك كما صار إليك؟ قال الملك: فكذلك هو قال: أفلا أراك إنما أعجبت بشيء يسير تكون فيه قليلاً وتغيب عنه طويلاً، وتكون غداً بحسابه مرتهنا؟ قال: ويحك فأين المهرب؟ وأين المطلب؟ قال إما أن تقيم في ملكك فتعمل بطاعة ربك على ما ساءك أو سرك، وإما أن تضع تاجك وتضع أطمارك وتلبس أمساحك وتعبد ربك حتى يأتيك أجلك. وتذكر القصة أن الملك اختار الطريق الثاني فترك الملك وانقطع مع هذا الناصح للعبادة بقية حياته، وقد تأثر هشام حتى أنه أمر بمعسكره فنقض وعاد ومن معه إلى قصره فاجتمع من كان مع هشام على خالد بن صفوان فقالوا له: ما أردت
بأمير المؤمنين؟ نغصت عليه لذاته وأفسدت عليه باديته فقال لهم: إليكم عني فإني عاهدت الله عز وجل ألا أخلو بملك إلا ذكرته الله عز وجل (?).
دخل هشام الكعبة فإذا هو بسالم بن عبد الله، فقا ل: سَلْني حاجة، قال؛ إنَّي أستحي من الله أن أسأل في بيته غيره فلمّا خرجا قال: الآن فسلني حاجة. فقال له سالم: من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة؟ فقال: من حوائج الدنيا قال: والله ما سألت الدنيا من يملكها فكيف أسألها من لا يملكها (?).
هو الإمام محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله الأصغر ابن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي الزهري القرشي المدني (?)، يكن بأبي بكر، ويعرف بالزهري كما يعرف بابن شهاب نسبة إلى جد جده شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة وإذا أطلق العلماء لفظ الزهري أو لفظ. ابن شهاب فلا ينصرف هذان اللفظان إلا إليه