بن حبيب، وهو ابن ست عشرة سنة، له ذؤابة، وعليه شملتان. فوقعت عليه عين هشام فقال لحاجبه: من أراد أن يدخل عليّ فليدخل، فدخل حتى الصبيان فوثب درواس حتى وقف بين يديه مطرقاً، فقال: يا أمير المؤمين، إن للكلام طيّاً ونشراً، وإنه لا يعرف ما في طيه إلا بنشره فإن أذن لي أمير المؤمنين أن أنشره نشرته، فأعجبه كلامه وقال: أنشره لله درك (?). فقال: يا أمير المؤمنين، إنه أصابتنا سنون ثلاث، سنة أذابت الشحم، وسنة أكلت اللحم، وسنة أدقت العظم، وفي أيديكم فضول مال، فإن كانت لله ففرقوها على عباده، وإن كنت لهم، فلا تحبسوها عنهم، وإن كانت لكم فتصدقوا بها عليهم، فإن الله يجزي المتصدقين فقال هشام: ما ترك لنا الغلام واحدة من الثلاث عذراً، فأمر للبوادي بمائة ألف دينار، وله بمائة ألف درهم، ثم قال له: أما لك حاجة؟

قال: ما لي حاجة في نفسي دون عامة المسلمين وكان هشام لا يدخل بيت ماله مالا حتى يشهد أربعون رجلاً أنه أخذ من حقه. ولقد أعطى لكل ذي حقه حقه ويقال: إنه جمع من الأموال ما لم يجمعه خليفة قبله (?).

3 - حظي منه عقله لا وجهه:

كان هشام يقرب منه الأذكياء أصحاب الحكمة والعقل الراجح، ذلك أنه لما أتته الخلافة سجد لله شكراً، فلما رفع رأسه وجد الأبرش الكلبي واقفاً فقال: ما لك لم تسجد معي؟ فقال يا أمير المؤمنين، رأيتك وقد رفعت إلى السماء، وأنا مخلد إلى الأرض. فقال: أرأيتك إن رفعتك معي أتسجد؟ فقال: الآن طاب السجود، فسجد فأمر له بالإحسان الكثير وأن يكون جليسه طول مدته، وعوتب في شأنه وقيل له: ما تجالس في هذا الأبرش؟ فقال: حظي منه عقله لا وجهه (?).

4 - هشام مع جاريته:

اشترى هشام بن عبد الملك جارية وخلا بها، فقالت له: يا أمير المؤمنين، ما من منزلة أطمع فيها فوق منزلتي إذ صرت للخليفة ولكن النار ليس لها خطر، إن ابنك فلاناً اشتراني فكنت عنده - لا يحل لك مسي، قال: فحسن هذا القول منها عنده وحظيت عنده وتركها وولاها أمره (?).

5 - إن نعم عدوك قلادة في عنقي لا ينزعها إلا غاسلي:

وجه أبو جعفر المنصور إلى شيخ من أهل الشام كان بطانة هشام بن عبد الملك فسأله عن تدبير هشام في بعض حروبه الخوارج، فوصف له الشيخ ما دبرَّ فقال: فعل رحمه الله كذا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015