لولاتها السلطات الإدارية والمالية، فلم نعثر على نص يدل على ذلك بل إننا نجد نصوصاً تدل على استعمال الأمراء والقضاء، وعمال الخراج والصدقات والدواوين بشكل عام، ونوابهم على المناطق التابعة لهم، من قبلهم (?)، فأصبحت الولاية وكأنها نيابة عامة عن الخليفة، يستمد الأمير فيها سلطاته من سلطة الخليفة، ومع ذلك فقد كان يتدخل إذا ما لزم الأمر، واقتضت الحاجة والمصلحة من ذلك أمره ابن هبيرة عاملة على المشرق استعمال الحرشي على خراسان (?)، ومن سمات سياسته الإدارية إتاحة الفرصة للموالي في إدارة الدولة وشغل بعض الأعمال الكبيرة (?)، وقد سار يزيد على نهج عمر في استعمال الموالي في وظيفة القضاء، فقد أمر على قضاء مصر عبد الله بن يزيد بن خذامر الضعاني مولى (?) سبأ، كما يبدو أن يزيد بن عبد الملك تابع الخليفة عمر بن عبد العزيز في منع أهل الذمة من العمل في دواوين الدولة، إذ لم نلمس ما يُشير إلى عملهم فيها، (?).
كان العامل على المدينة عبد الرحمن بن الضحاك، وعلى مكة عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد، وعلى الكوفة محمد بن عمرو ذو الشامة، وعلى قضائها القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وعلى البصرة عبد الملك بن بشر بن مروان، وعلى خراسان سعيد خذينة، وعلى مصر أسامة بن زيد (?).
سياسة الخليفة يزيد بن عبد الملك المالية بالذات جاءت بعد إصلاحات الخليفة عمر بن عبد العزيز المالية، التي سعى من ورائها العودة إلى النهج الإسلامي وتطبيق أحكامه على المال والأعمال وصحح بعض الإجراءات التي أتخذها بعض أسلافه، فما مدى خروج الخليفة يزيد عن نهج عمر، وما الذي ضعه؟ مما لا شك فيه أن الخليفة يزيد لم يتبع نهج الخليفة عمر في بعض سياسته المالية، فأحيا السياسات المالية لأسلافه من بني أمية قبل عمر، وأعاد تطبيقها، بينما اتخذ أخرى وتابع عمر في بعض ما أتخذه من سياسات في هذا المجال وبالأخص ما كان ذا عائد على خزانة الدولة، وطبق إجراءته تلك في شيء من الدقة، والضبط والتشديد (?) ومن الأمور التي ساير فيها يزيد عمر، كمنع بيع الأراضي الخراجية، كما أبقى على بعض الإصلاحات المالية الأخرى (?) وقد عمل يزيد بن عبد الملك على ضبط الأمور