عنبسة بن سحيم (103 - 107 هـ) بعداً اكبر، ويعتبر بلاي منشئ حركة المقاومة النصرانية ومجدد دولة النصرانية في الأندلس وأن نهوضه بها كان الحجر الأول في بنائها الجديد (?)، وأن زمن عنبسة كان بدايتها عندما استجاب أهل جليقية لبلاي وعملوا على حرب المسلمين ومدافعتهم عن أرضهم، وإن كان نجاحهم قد تحقق بعد ذلك (?)، واستمر بلاي في الكر والفر واستفاد من انكسار المسلمين في بلاط الشهداء 114 هـ واضطرب أمر الأندلس بفتنة أبي الخطار وحركات البربر في شمال إفريقية، فأخرج المسلمين من اشتريس ويبدو أن أهل استورقة من المسلمين حاربوه، لكنه هزمهم، إذ تُشير المصادر إلى معركة تسمى لا كوفا
دونجا (?)، لقي المسلمون فيها الهزيمة، واستطاع بلاي على أثرها إخراج المسلمين من جليقية كلها وتنصر كل مذبذب في دينه (?)، ويرجح حسين مؤنس أن هذه المعركة حدثت سنة 133 هـ أو ما بعدها، وأن وفاة بلاي كانت بعد ذلك بقليل من نفس السنة (?). لقد كانت هذه الوقعة حاسمة فقد مهدت لدولة اشتريس، فثبتت قواعدها على نحو لم يستطع المسلمون إزالتها بعد ذلك، وبذلك كانت حركة بلاي حادثاً فاصلاً في التاريخ الإسباني إذ أنها كانت البداية الحقيقة لحركة المقاومة النصرانية ضد المسلمين (?).
حاول أخيلا بن غيطشه أن يسترجع ملك أبيه في الأندلس، وأعلن تمرده في طركونة (?)، فسار إليه السمح بن مالك الخولاني (100 - 102 هـ) وأخضع البلد وأخمد التمرد، ومن المحتمل أن السمح قضى على هذه الحركة وهو في طريقه إلى بلاد الغال " فرنسا " غازياً (سنة 101 هـ) ومواصلاً فتوحات المسلمين فيها (?)، ويبدو أن هذا ظهر في عهد الخليفة يزيد بن عبد الملك كما أن القضاء على هذه الحركة لم يكلف السمح كبير عناء، إذ كان يقود حملة أعدت لما هو أعظم من هذا التمرد، فلم يزد على إخمادها، بل ظهر تسامحه مع الخارجين، إذ عفا عن أخيلاء، وتركه على حاله فيها، وبعد استشهاد السمح بن مالك في معركة طولوشة سنة 102 هـ أعلن أخيلا التمرد من جديد، وانتقض أهالي طركونة على عنبسة بن سحيم الكلبي،