فاحفظ وصية عبد المك إيانا، وقوله لنا في ترك التباغي والتخاذل، وما أمر به وحض عليه من صلاح ذات البين واجتماع الأهواء، فهو خير لك، وأملك بك، وإني لأكتب إليك، وأنا أعلم أنك كما قال القائل:

وإني على أشياء منك تَريبني ... قديماً لذو صفح على ذاك مُجْمِلُ

ستقطع في الدنيا إذا ما قطعتني ... يمينك فانظر أي كف تبدل

وإن أنت لم تنصف أخاك وجدته ... على طرف الهجران إن كان يعقل

فلما بلغ الكتاب هشاماً ارتحل إليه، فلم يزل في جواره مخافة أهل البغي والسعاية، حتى مات يزيد (?).

ثالثاً: الثورات الداخلية في عهده:

1 - ثورة يزيد بن المهلب:

ومنشأ ذلك أن خلافاً وقع ببين المهلّب والحجّاج بن يوسف، فذهب يزيد إلى عبد الملك، فأمنّه، ثم لما أفضت الخلافة إلى سليمان بن عبد الملك سنة 96 هـ عين يزيد بن المهلب على خراسان فأفتتح جرجان وداغستان، ثم رجع إلى العراق، فبلغه وفاة سليمان بن عبد الملك، وخلافة عمر بن عبد العزيز، حيث عزله عمر عن إمارة خراسان.

وقد ذكرت أسباب عزل عمر بن عبد العزيز ليزيد في حديثي عن خلافة عمر ولما هرب يزيد من سجن عمر في مرضه قال عمر بن عبد العزيز: " اللهم إن كان يريد بهذه الأمّة شرّه، فاكفهم شّره، وأردد كيده في نحره. (?) ولما تولى يزيد بن عبد الملك بن مروان الخلافة خرج يزيد بن المهلّب وخلع بيعته، واستولى على البصرة، فجهّز يزيد بن عبد الملك لقتاله جيشاً بقيادة أخيه مسلمة بن عبد الملك (?)، فجمع يزيد بن المهلّب جموعاً كبيرة، والتقى الطرفان بالعقر من أرض بابل، ودارت بينهما معركة رهيبة دامت ثمانية أيّام، قتل فيها يزيد بن المهلب، وعّدد من إخواته، وخلق كبير من جيشه، وتفرق سائر جيشه وأهل بيته فلوحقوا وقتلوا بكّل مكان وكان ذلك سنة 102 هـ. والله المستعان (?). وقد أورد الذّهبي، أن الحسن البصري قال في فتنة يزيد بن المهلب: هذا عدو الله يزيد بن المهلب، كلما نعق بهم ناعق اتبّعوه (?). وفي رواية أخرى أنّه دعا عليه بأن يصرعه الله، ذكر ما كان يفعل من انتهاك المحارم وقتل الأنفس، وأكل أموال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015