والمنكر، وذلك أما لهوى في نفس راويها، أو لغرض يقصده ناقلها، أو نقلها مسندة، فحمل المسؤولية من رواها (?).
في ربيع الأول عام أربع ومئة، عزل يزيد بن عبد الملك عن إمرة الحرمين عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس، وكان سببه أنه خطب فاطمة بنت الحسين فامتنعت من قبول ذلك، فألح عليها وتوعدها، فأرسلت إلى يزيد تشكوه إليه، فبعث إلى عبد الواحد بن عبد الله النضري نائب الطائف فولاه المدينة، وأن يضرب عبد الرحمن الضحاك حتى يسمع صوته أمير المؤمنين وهو متكئ على فراشه بدمشق، وأن يأخذ منه أربعين ألف دينار، فلما بلغ ذلك عبد الرحمن ركب إلى دمشق، واستجار بمسلمة بن عبد الملك، فدخل على أخيه فقال: إن لي حاجة فقال: كل حاجة تقولها فهي لك إلا أن تكون ابن الضحاك، فقال: هو والله حاجتي فقال: والله لا أقبلها ولا أعفوه عنه، فرده إلى المدينة فتسلمه عبد الواحد فضربه وأخذ ماله حتى تركه جبة صوف، فسأل بالمدينة وكان قد باشر ولاية المدينة ثلاث سنين وأشهراً، وكان الزهري قد أشار على الضحاك برأي سديد، وهو أن يسأل العلماء إذا أشكل عليه أمر فلم يقبل ولم يفعل، فأبغضه الناس وذمه الشعراء، ثم كان هذا آخر
أمره (?).
كتب يزيد بن عبد الملك إلى أخيه هشام: أما بعد، فإن أمير المؤمنين قد بلغه أنك استبطأت حياته، وتمنَّيتَ وفاته ورُمت الخلافة. وكتب في آخره:
تمنَّى رجال أن أموت وإن أمُت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد
وقد علموا لو ينفع العلم عندهم ... متى مت ما الباغي عليَّ بمُخلد
مَنِيَّتُه تجرى لوقت وحتفه ... يصادفه يوماً على غير موعد
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى ... تهيَّيأ لأُخرى مثلها فكأن قِد
فكتب إليه هشام: جعل الله يومي قبل يومك، وولدي قبل ولدك، فلا خبَر في العيش بعَدك. (?) وجاء في رواية: أما بعد فإن أمير المؤمنين متى فرغ سمعه لقول أهل الشنآن وأعداء النعم، يوشك أن يقدح ذلك في فساد ذات البين، وتقطع الأرحام، وأمير المؤمنين لفضله، وما جعله الله أهلاً له أولى أن يتغمد ذنوب أهل الذنوب فأما أنا فمعاذ الله أن استثقل حياتك، أو استبطئ وفاتك فكتب إليه يزيد: نُحن مغتفرون ما كان منك، ومكذبون ما بلغنا عنك،