بويع له بالخلافة بعد عمر بن عبد العزيز في رجب من سنة إحدى ومائة، بعهد من أخيه سليمان أن يكون الخليفة بعد عمر بن عبد العزيز رحمه الله يوم الجمعة من رجب (?). وسار في بداية حكمه بسيرة عمر بن عبد العزيز إلا إنه لم يستطع المواصلة وقال عنه الذهبي: وكان لا يصلح للإمامة، مصروف الهّمة إلى اللهو والغواني (?). وقال عنه ابن كثير: فما كان به بأس (?) يقول الدكتور
عبد الله الشريف (?): .. لكن الواضح أن قدراته السياسية وكفاءته الإدارية، لم تكن تؤهله لملء مكانة وقيادة الدولة باقتدار، أو تحقيق العظيم من المنجزات والفريد من السياسات التي تلفت إليه الأنظار، فكان يزيد حاكماً عادياً، ليس سياسياً مقتدراً كمعاوية، أو إدارياً ناجحاً كعبد الملك، أو مصلحاً كعمر، كما لم يكن سيئاً كابنه الوليد بن يزيد ويمكن القول أن تولية الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز جعل المفارقة بينه وبين عمر واضحة وكبيرة وأدت إلى عتامة صورته لدى جمهرة المسلمين (?). وكان بإمكان يزيد أن يسير على نهج تجربة عمر بن عبد العزيز ويعطي للعلماء دورهم القيادي المنُاط بهم كما كانوا في عهد عمر إلا أن العلماء تراجعوا إلى حد كبير، وحرمت الأمة من تجربة ناجحة تنفست الصعداء، وأطلت من خلالها على عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم ولعل هذا التراجع الذي حدث لمشاركة العلماء في عهد يزيد يرجع إلى عدة عوامل أهمها:
1 - شخصية يزيد بن عبد الملك حيث لم يكن بمكانة عمر وحماسته وحرصه على أن يسوس الناس بمنهج الله بلا محاباة ومساومة كما لم يكن على منهج عمر في نظرته للخلافة على أنها تكليف لا تشريف وأنها عمل لإسعاد غيره على حساب نفسه وأهله ويدل على ذلك أن يزيد لم يطق أن يسير على نهج عمر أكثر من أربعين يوماً ثم عدل عنه إلى نهج الملوك (?).
2 - العامل الثاني وهو مترتب على الأول ومرتبط به إذ لما رأى العلماء عزم يزيد ترك العمل بسيرة عمر، ولم يجدوا عنده ما وجدوه عند عمر تركوه وانصرفوا إلى مسؤولياتهم العلمية فحين قال قائل لرجاء بن حيوه لما اعتزلت يزيد: إنك تأتي السلطان فتركتهم