وقائل يقول: ليس في صحيح البخاري ولا مسلم حديث واحد يفهم منه مشروعية الختان، والرد على هذه المقولة من زاويتين: الرد الأول: أنه ليس بلازم أن يأتيك النص في البخاري أو مسلم، فليس البخاري ومسلم هما الكتابين اللذين يعتمد عليهما في أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام فحسب، فقد وضع أهل العلم شروطاً لقبول الحديث أو رده، ولم يضعوا من بين هذه الشروط أن يكون الحديث في البخاري ومسلم، ولا يشرط هذا الشرط إلا جاهل بقواعد أهل العلم في اعتبار الأدلة من عدمها، فهل يلزم أن يكون الحديث الذي أحتج به في البخاري ومسلم؟! إن البخاري ومسلماً لم يزيدا عن مجموع ستة آلاف حديث.
إذاً: أين نحن من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم؟ لم لا نأخذها من أبي داود أو من الترمذي أو من ابن ماجة أو من النسائي أو من مسند أحمد، أو من المعاجم الثلاثة للطبراني وغيرها من دواوين السنة؟ هذا الكلام لم يقل به أحد، بل الشرط أن يكون الحديث صحيحاً أو حسناً، ويستوي ذلك كونه في الصحيحين أو في غيرهما، فالمهم لاعتبار الحديث والعمل به أن يكون صحيحاً.
فهذه أول شبهة، وإنما قال بهذه المقولة من قال ليلبّس على عوام الناس، فهو الذين لا يريد لهم في يوم من الأيام أن يتعلموا العلم؛ وما ذلك إلا ليلبّس عليهم أمر دينهم، فالعوام يجلّون صحيحي البخاري ومسلم، فيقول ويبني أنه ليس فيهما حديث واحد يفيد مشروعية الختان، فيقول العوام: نعم، فيفرح بذلك ويسعد كأنه وقع على فريسته، وهذه شبهة أوهى من بيت العنكبوت.
الرد الثاني: أن الأحاديث قد ثبتت في البخاري ومسلم تصرّح صراحة ما بعدها صراحة بالختان ومشروعيته، وستأتي هذه الأدلة.