فهنا يتبين أن من شرائع الإسلام وشعائره ختان الذكور والإناث، وخاصة ختان الإناث، فقد كثُر حوله اللغط والغلط والجدل، ويجعلونه من الموضوعات الشائكة التي نالت النقاش الطويل من قديم الزمان قبل الإسلام وبعده، وكل يفتي ويدلي برأيه، والله تبارك وتعالى من وراء القصد، فجاءت السنة النبوية بعد القرآن الكريم موضحة ومفسرة لنصوص القرآن الكريم.
وقضية الختان من القضايا التي أولتها الشريعة الإسلامية الغراء اهتماماً خاصاً، فأزالت عنها الغموض وتكلم فيها أئمة الفقه الإسلامي، ولم يغفلوا هذا الجانب.
إن أعداء هذا الدين عقدوا المؤتمرات والندوات الطويلة منذ العقد الخامس من هذا القرن، بل وقبل ذلك، ولم ينصب العداء إلا في سنة 1951م عندما عُقد مؤتمر في (نيروبي) في دراسة موضوع رأي الدين في ختان الإناث، وبناء على دعوة من الهيئة الدولية لصحة الأمومة والطفولة دعت الهيئة فضيلة الشيخ: عبد الوهاب النجار، وأوضح فضيلته أن الختان لم يرد في القرآن الكريم، وورد عنه في السنة أحاديث قال العلماء فيها: إن أسانيدها فيها طعون، وإذا افترضنا صحتها فلا نجد أمراً من النبي صلى الله عليه وسلم بختان الأنثى أو دعوة صريحة منه تفيد هذا الختان، وذلك فضلاً عما يترتب على الختان من متاعب صحية ونفسية على الفتاة قبل الزواج وبعده؛ ولذلك فإن بعض الدول العربية التي تشدد في تطبيق السنة -يقصد بذلك السعودية- لا تمارس عادة الختان للفتاة.
وكان قد دعا فضيلته الأمهات في المؤتمر إلى أن يُعلن في نساء بلادهن ضرورة الإقلاع عن هذه العادة التي ثبت أن إثمها أكثر من نفعها كالخمر تماماً.
وبذلك نحمي الفتاة من العدوان البدني عليها عن طريق أحب الناس إليها وهم الآباء والأمهات.
هذه فتوى فضيلة الشيخ، واستمر الوضع كذلك حتى طالعتنا الأنباء بعقد مؤتمر السكان المشئوم المنعقد سنة 1994م الذي عُقد في صعيد مصر، واجتمع إليه حثالة العالم أجمع؛ ليقرروا بعد ذلك شرعية اللواط وحرمة الختان، بل أوجبوا على الأمم الأعضاء التي شاركت في هذا المؤتمر تقرير الإباحية وجواز الاختلاط، وجواز الاستمتاع بين الرجال والنساء دون عقد زواج أو غير ذلك، كل في دولة العلم والإيمان، وقد استضفناهم وأكرمناهم غاية الإكرام كما أكرمونا وأفسدوا علينا ديننا وشريعتنا، ولذلك في هذه المناسبة بالذات سنة 1994م وفي أثناء انعقاد المؤتمر شُغل الشعب المصري أجمع بمشروعية الختان من عدمه، هل هو مشروع أم غير مشروع؟ والناس يحيكون الكيد والفساد والانحلال هناك في أقصى الصعيد، ونحن هنا مشغولون بالختان، هل هو مشروع أم غير مشروع؟ حتى انفض ذلك الاجتماع، ولا يزال الناس مشغولون بالختان: أهو جائز أم غير جائز؟ في الشهر العاشر من سنة 1996م قامت هذه الحملة من جديد: الختان جائز أم غير جائز؟ فتطالعنا أخبار 2/ 10 / 1996م تقول: أعلن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر، أنه يتحدى أن يأتي أحد بحديث نبوي صحيح أو بحديث حسن يبيح أو يلزم بختان الإناث، وقال: إنه يتحدى أيضاً أن يثبت أحد أن صحيح البخاري أو مسلم يوجد به حديث يفهم منه مشروعية ختان الإناث بمجرد إشارة، وأضاف أنه سبق أن أعلن بصراحة رأيه في الختان، وأن ختان الذكور أمر واجب، أما ختان الإناث لا سند له من الشرع، وأن الرأي فيه يرجع إلى الأطباء المتخصصين؛ لأنه عادة وليست عبادة، وأن الأطباء إن قالوا: إن الختان عادة حسنة نقول لهم كعلماء للدين: سمعاً وطاعة.
وإن قالوا لنا: إن ذلك عادة سيئة وضارة نقول لهم: سمعاً وطاعة.
وأضاف شيخ الأزهر أن الأطباء جميعاً قالوا: إن ختان الإناث شيء ضار، إذاً: عادة سيئة.
ولذلك (المانشت) يقول: الختان عادة مصرية سيئة ولا سند لها في الشريعة، والبنوك التي تحدد الربح هي البنوك الأقرب للإسلام.
دعونا من فتوى البنوك؛ لأن الفلاحين ردوا عليها فضلاً عن أهل العلم، الذي يمسك المعول ويضرب به الأرض قد رد هذه الفتوى ولم يقبلها لنفسه.
فدعونا منها ولنكن مع الختان، جاء هذا مساء أمس الأول خلال الحوار الذي أداره شيخ الأزهر والدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف، والدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر مع طلاب جامعة القاهرة فرع (بني سويف)، وشاركت فيه جماهير المحافظة، وأداره صبري القاضي محافظ (بني سويف)، وأكد الدكتور زقزوق وزير الأوقاف أن هناك من افترى على الداعية الإسلامي الراحل الشيخ محمد الغزالي وقال: إن الشيخ الغزالي يرى أن ختان الإناث سنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهو لم يقل ذلك مطلقاً، أي: أن الشيخ الغزالي لم يقل ذلك مطلقاً -يدافع عنه- بل كان رأيه في كل جلسات مجمع البحوث الإسلامية وجوب التوقف عن هذه العادة السيئة.
وأضاف: إنه لم يثبت أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قام بختان أي واحدة من بناته، كما أكد الدكتور عم