يتبين لنا من مجموع شبه المخالفين والمعاندين للختان أن الختان إنما هو عملية وحشية تسبب للفتاة أضراراً نفسية واجتماعية خطيرة، فنقول لهم: ما هي هذه الأضرار النفسية والاجتماعية الخطيرة؟ وهل الختان عملية وحشية؟! إن العمليات الجراحية كلها عمليات وحشية بهذا المنطلق، فلماذا لا تحرمون المساس ببدن المرء سواء كان كافراً أو مسلماً؟ ثم من الذي قال: إن الختان عملية وحشية؟
صلى الله عليه وسلم ( الخواجات) الذين قالوا هذا، ووجدوا لهم أبواقاً ممن يتكلمون بأسمائنا وينتحلون نحلتنا وهم من بني جلدتنا.
فالختان ليست عملية وحشية، لا، يقول بعض الطبيبات وكثير من الأطباء: الختان عملية تجميلية تكميلية لأصل خلق الإنسان وجبلته وفطرته التي فطر الله تبارك وتعالى الناس عليها، فهو عملية تجميلية وتحسينية وليست عملية وحشية.
الشبهة الثانية: أنهم قالوا: إن الختان عادة سيئة وقبيحة.
أقول: لا ينبغي أبداً أن نقول عن الختان: إنه عادة فضلاً عن كونها عادة سيئة وقبيحة لوجهين: الوجه الأول: أن الختان عبادة وليست عادة، يتقرب بها المرء إلى الله تبارك وتعالى، وسيأتينا الدليل الذي يبيّن صحة ما نقول وما ندّعي.
ثم قولك: إن الختان عادة سيئة وقبيحة فهذا ينافي الأدب من وجهين: الوجه الثاني: بعد أن قلنا: إنه عبادة، فلا يجوز أن تكون هذه العبادة سيئة وقبيحة، وإنما الذي يوصف بذلك العادات دون العبادات، والختان عبادة.
وهب أنه عادة فلا يوصف بالسوء والقُبح؛ لأنه أقل ما يقال فيه: إنه خلاف معتبر بين أهل العلم، فلو أني معك اختلفت في مسألة من المسائل فاستندت أنا إلى أدلة وأنت قد استندت إلى أدلة أخرى وكل له وجهة نظره، فلا يوصف المخالف بأنه على سوء وعلى قبح، أو أن رأيه قبيح وسيئ، إلا أن يكون طاعناً في الدليل وفي النص، وليس أمر الختان كذلك: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور:51]، ولم يكن قولهم كما قالت بنو إسرائيل: {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} [البقرة:93] فالسمع والطاعة يدخل فيه كثير من أبواب الابتلاء، فينبغي للمرء المسلم أن يستسلم لله عز وجل ولأحكامه، ولا يسعه إلا أن يقول: سمعنا وأطعنا، علم العلة أو لم يعلمها، ولا يوصف شيء من دين الله عز وجل بالقبح أبداً، فدين الله تبارك وتعالى خير كله، وما وجد النبي صلى الله عليه وسلم الأمة على خير إلا وقد أقرها عليه، بل ما وجد خيراً إلا قد دلّ أمته عليه، وما وجد شراً إلا نهاها عنه.
والله تبارك وتعالى بيّن ذلك في كتابه فقال: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:38] فالكتاب قد اشتمل على كليات وأصول ما يلزم المسلم في دينه ودنياه إلى قيام الساعة، وقال الله تبارك وتعالى آمراً لهذه الأمة بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وأن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم من طاعة الله تبارك وتعالى، فقال تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء:59]، وقال تبارك وتعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7]، وقال تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج:77].
فتبيّن من هذه الأدلة أنها قواعد كلية تفيد طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك نجد أن من تكلم في أمر الختان من بعض أهل العلم قال: لا توجد في السنة أي إشارة.
نقول: قد وجد، بل وجد التصريح بجواز ذلك فضلاً عن استحبابه.
ويقولون: ولا يوجد شرع يبرر هذا الإجرام، وسموه إجراماً، وقالوا: لا يوجد طبيب يبرر هذا، ولا يوجد في الفقه الإسلامي نص عن إمام من الأئمة المعتبرين يشير إلى ختان البنات من قريب أو من بعيد، وسنعلم أن الأئمة الأربعة تكلموا عن الختان وعلى مشروعيته، ومعلوم أن الأمة لا تجتمع على ضلال.
ويقولون: إن الختان يسبب البرود الجنسي، أي: أن الختان عند الإناث يسبب البرود الجنسي، فنواة المرأة التي هي محل الطهارة في أعلى فرجها بعد الشطرين الصغيرين لها عرف كعرف الديك، هذا العرف يطول ويقصر حسب حجم البنت وصحتها، وحسب الجو والطقس من البلاد الحارة عنه في البلاد الباردة، فهو في البلاد الحارة يطول عند البنات، وفي البلاد الباردة يصغر وينكمش، فمن النساء من تحتاج إلى عملية الختان، ومنهن من لا تحتاج إلى ذلك، والبحث هنا أن بعض الجاهلات من الفلاحات ومن ليس له تمرّس بهذا الأمر إذا دُعي إلى ختان البنت استأصل هذا العرف من جذره، فهذا خطأ عظيم؛ لأنه يفقد البنت شهوتها بالكلية، فتُصاب بالبرود الجنسي، والخطأ هنا ليس متعلقاً بالشرع، وإنما هو متعلق بذلك الجاهل الذي أجرى عملية الختان؛ لأنه استأصل العضو من جذره، وتأتينا بعد ذلك السنة لتبيّن ما هو القدر الذي يؤخذ من ذكر الرجل ومن فرج البنت، حتى نعلم أن الإسلام كله خير.
فالختان معنا