هذه الدراسة التي يسمونها الاعتبار في كثير من الأحوال تتعلق بدراسة المتن؛ كتَعُلّقها بدراسة الإسناد؛ إن لم تزد عن الاهتمام بدراسة الإسناد.

إذا نظرنا إلى أنواع العلل التي يدرسها المحدثون سنجد كثيرًا منها تتعلق بالمتن، ولذلك ونحن ندرِّس مادة العلم لطلابنا، نقول لهم: إن هناك عللًا متعلقة بالإسناد، وهناك عللًا متعلقة بالمتن وهناك عللًا متعلقة بهما معًا. لكن أن يضعوا القواعد يُعرف بها المتن الجيد من غيره، هذا دليل عن عنايتهم بالمتن.

بل إن الميدان الأول لعلم العلل هو أحاديث الثقات، أحاديث الثقات المفترض كما نقول في دراستنا المصطلح أنشروط الحديث الصحيح اتصال السند وعدالة الرواة وضبط الرواة، وخلو الحديث من الشذوذ، وخلو الحديث من العلة القادحة، اطمأننا إلى خلو الحديث من عدالة الرواة وضبط الرواة، وإلى بقية الشروط، نقول: هذا إسناد صحيح كما مر بنا، ولا نقول: هذا حديث صحيح. كون العلماء يجمعون على أن أحاديث الثقات في المقام الأول هي مَيدان علم العلل هذا من أقوى الأدلة على العناية بالمتن.

إذن، كونه ثقة لم يغلق الباب أمام النظر في حديثه مرة ثانية، وهذا النظر لن يكون إلا في ضوء المتن؛ لأنّ الإسناد سَلِم من رواية الثقات، بل إن من أسباب صعوبة علم العلل هو هذا الأمر، يعني صعوبة علم العلل له أسباب كثيرة منها أنه يحتاج إلى جمع الروايات، وإلى جمع الطرق وإلى المقارنة بينها وإلخ.

أيضًا الضُّعفاء أحاديثهم مَعْلُولة لكنها لا تَحْتَاجُ إلى نَظر دقيق، يعني المبتدئ في دراسة الحديث يستطيع أن يعل الحديث بالضعفاء، يقول: هذا إسناد مثلًا فيه كذاب، فيه وضاع، فيه متروك؛ فهو إسناد ضعيف. لكن أن ينظر في أحاديث الثقات، فالنظر في هذه الحالة إنما هو في المتن؛ ليُقارن بينها وبين روايات غيره من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015