الفضل من الحباب يقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: روى ابن عبد البر في (الاستذكار) من طريقه حديثًا منكرًا جدًّا، ما أدري مَن للآفة فيه؟ قال: حدثني فضل بن حباب، حدثنا هشام بن عبد الملك الطيالسي، حدثنا شعبة، عن أبي الزبير، عن جابر -رضي الله عنه- يقول: سمعتُ الرّسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من وسع على نفسه وأهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته".
الحافظ يقول: الظَّاهِرُ أنّ الغلط فيه من أبي خليفة، ولعله ابن الأحمر سمعه بعد احتراق كتبه، لماذا أعلوه؟ لأنّ المتن منكر، ولم يرد من طرق أخرى صحيحة؛ فلذلك توقفوا فيه، وجَعَلُوا يفحصون سبب الوقوع في الخطأ، من أي الرواة وقع، الأمثلة في كتب الحديث، ولو رجعنا إلى كتب العلل وكتب الموضوعات سنجد أمثلة لهذا كثيرة جدًّا.
ابن أبي حاتم في كتابه (العلل): هذا خبر باطل متعلق بالمتن. لم يقل الرسول -صلى الله عليه وسلم- كذا، وإنما قال كذا، هذا متعلق بالمتن.
أيضًا من القواعد التي وضعوها في دراسة المتن قانون الاعتبار، الاعتبار حالة من حالات الدراسة؛ الناقد الدقيق الكبير من علماء الحديث يعتبر الحديث بكل طرقه، يدرسه بكل طرقه بأساليبه ومتونه وشواهده، ويُقارن بينها، ويَنْظُر بعد هذه الدراسة وهذا الاعتبار أنّ المتن يُقبل أو لا يُقبل، مثلًا حماد بن سلمة يروي حديثًا لم يتابع عليه، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فينظر هل روى ذلك ثقة غير أبوب عن ابن سيرين؛ فإن وجد علم أن للخبر أصلًا يرجع إليه، وإن لم يوجد ذلك فهل هناك ثقة آخر رواه عن أبي هريرة عن ابن سيرين، أو هناك صحابي آخر؟