الثقات، وهل وافقهم وهل خالفهم، ولماذا كانت المخالفة، وهل هذه المخالفة تضر بالمتن؟ وهل وافقه أحد عليها، وهو انفرد بها؟ نقاط كثيرة يدرسونها لتبين أن هذا الثقة لم يخطئ في هذا الحديث.

ولذلك نَتَعَجّب مثلًا حين نفتح كتب الرجال نجدُ بعض الأحكام على بعض الرجال الكبار مثلًا، يقولون: ثقة له أوهام. لماذا ثقة وله أوهام؟ ثقة له أفراد، ثقة له غرائب، نعم، جرب عليه الوهم، سجلوه لم يخافوا من كونه ثقة، وهذا الوهم أيضًا لم يقدح في توثيقه؛ لأنّه نسبة قليلة فنحينا أحاديثه التي وهم فيها، وقَبِلْنَا ما عداها؛ لكنّ الذي أعلق عليه، أو أركز عليه أن هذه الدراسة المتعلقة بالمتن، فكيف يقال: إن المحدثين لم يعتنوا بالمتن؟ هذا كلام غير الخبير الذي لم يتصل لا من قريب ولا من بعيد بجهد المحدثين في دراسة السنة ككل.

وها أنا ذا أقول: إن المحدثين حين يعيدون النظر في أحاديث الثقات مرةً ثانيةً؛ ليفحصوها، فإن ذلك في الغالب يتجه نحو المتن، وإلا فإنه من ناحية سلامة السند قد سلم السند؛ لأنّ الرُّواة ثقاة ومع ذلك نحن لم نكتفِ بهذا، وإنما أعدنا النظر في أحاديث الثقات، وهذه القواعد التي وضعوها وساروا عليها، وأصروا عليها، واصطلحوا عليها، وأجمعوا عليها، إنما كلها كانت لدراسة الإسناد ولدراسة المتن؛ ليصل إلينا في النهاية متن صحيح متى اطمأننا إلى صحته وجب علينا العمل به.

فإذن، حين يضع المحدثون أحاديث الثقات تحت المِجهر فإنما ذلك لكي يفحصوا المتن.

أيضًا كل أنواع العلل تحتاج إلى جمع الطرق، وإلى جمع الروايات لا يستطيع أحد أن يتكلم في العلة إذا جمع الأسانيد ولم يجمع المتون، والعكس أيضًا صحيح؛ لكي تتكلم في العلل لا بد من جمع الأسانيد والمتون معًا؛ حتى يسلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015