هناك أدلة شرعية حثت على ضرورة الحفاظ على اللفظ، من ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره بروايات متعددة عن ابن مسعود وعن زيد بن ثابت وغيرهم -رضي الله عن الجميع- وقال الترمذي عن رواية ابن مسعود: إنها حسنة صحيح، كتاب العلم، باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع: ((نضر الله امرأً سمع مقالتي، فأداها كما سمعها)) هذا محل الشاهد: ((فأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع)) وفي رواية: ((فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه)) إلى آخره.
أيضًا النبي -صلى الله عليه وسلم- حين يقول الصحابي: "كان يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعملنا السورة من القرآن" وكذلك من حديث ابن مسعود في التشهد: "يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن"، ومر بنا حديث البراء بن عازب: لا لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقول: "ورسولك الذي أرسلت" وإنما قال: ((آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت)) -صلى الله عليه وسلم- هذه أدلة على ضرورة الأداء باللفظ كلما أمكن ذلك.
وفي التمسك باللفظ وردت روايات متعددة، الخطيب البغدادي في (الكفاية في علم الرواية) عدة أبواب متوالية تبين أن منهج الأمة هو الحفاظ على اللفظ عند إمكان ذلك، فقد روى الخطيب بسنده إلى أبي جعفر محمد بن علي -رحمه الله تعالى- قال: "لم يكن أحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يزيد فيه ولا ينقص". يعني: هنا ينقل لنا قاعدة عن الصحابة، هو منهج، لم ينفرد به البعض حتى نقول: إنها أمثلة قليلة مثلًا، أو مواقف شخصية، أو تحوط زائد من بعض الصحابة، لا، إنما كان هذا منهجًا عامًّا عند جميع الصحابة، ما دام يمكن الأداء باللفظ كما هو.