رواية جابر: ((كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير فريضة، ثم ليقل ... )) إلخ، يصل إلى جملة -يعني: محل الشاهد-: ((اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: في عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه)).
في حديث أبي سعيد الخدري عند أبي داود جاء بلفظ واحد: ((عاقبة أمري))، حديث ابن مسعود عند الطبراني: ((في ديني ودنياي)) من غير شك، هنا في الرواية لما شك الراوي أي اللفظين قال -صلى الله عليه وسلم- أتى بالوجهين معًا، هذا الحديث رواه البخاري في مواطن كثيرة ومن بينها في كتاب الدعوات باب الدعاء عند الاستخارة، انظروا حين شك الراوي في اللفظ الذي سمعه أتى باللفظين معًا، مع أن أحدهم كان يكفي، ومع أنه قد وردت روايات بالجزم في اللفظ المستعمل، إنما قال: يقل: ((اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: في عاجل أمري وعاجله فاقدره لي)) كل ذلك يدل على ضرورة التمسك باللفظ.
إذن، نحن نقرر هذه القاعدة ونحن مطمئنون، وهذا ليس كلامي وإنما هو كلام أهل العلم، الكل مجمع على ضرورة الأداء باللفظ أولًا كلما أمكن ذلك، ولذلك هم يقولون عن حكم الرواية بالمعنى أنها رخصة -ليست عزيمة- عند الضرورة -عند الاحتياج- انظروا إلى هذه الدقة حين أعطوا لها حكمًا شرعيًّا، قالوا: إنها رخصة، كلمة "رخصة" يعني: ليست هي الأصل، ليست هي العزيمة المطلوبة شرعًا، إنما الأصل هو الأداء باللفظ وإذا تعذر أو تعثر لأي سبب لنسيان، أو لشك، أو لبعد عن المصادر إلى آخره، فيستعمل المعنى، ووضعوا لها شروطًا سنشير إليها بعد قليل.