رمضان" يعني ابن عمر ينقل الحديث بتقديم الصيام على الحج؛ فقال الرجل يعقب أو كأنه يعيد الحديث حتى يتأكد من حفظه فقال: "الحج وصيام رمضان" فقال له ابن عمر: لا "صيام رمضان والحج" هكذا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
هنا لا يوجد تغيير في الكلمة مجرد الترتيب، هل ذكر الحج أولًا، أو ذكر الصيام أولًا؟ فرواية ابن عمر: ((صيام رمضان والحج)) فقال الرجل: "الحج وصيام رمضان" يعني: عكس المسألة قدم الحج على الصيام، هناك تغيير في المعنى ومع ذلك لم يقبل ابن عمر وقال: لا ((صيام رمضان والحج)) هكذا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا موقف ابن عمر، هل انفرد به ابن عمر من بين الصحابة؟ لا.
مثال آخر: حديث البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنهما-: ((إذا أويت إلى فراشك، فقل: اللهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت)) هذا رواه البخاري في كتاب الوضوء، باب فضل مَن بات على الوضوء، ورواه في أماكن أخرى من صحيحه، محل الشاهد في الجملة الأخيرة: ((آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت)) البراء يقول: فرددتها على النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما بلغت: ((اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت)) قلت: "ورسولك الذي أرسلت" فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا، ونبيك الذي أرسلت)) يعني: البراء وهو يراجعها مرة ثانية مع النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى تأكد من حفظها قال: "ورسولك الذي أرسلت" فأبدل لفظ "النبي" وجاء بلفظ "الرسول"، النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا، ونبيك الذي أرسلت)).
النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلمهم التمسك باللفظ، وحتى شراح الحديث التفتوا إلى فائدة جليلة جدًّا في: ((ونبيك الذي أرسلت)) هذه العبارة جمعت له بين النبوة والرسالة: ((ونبيك الذي أرسلت)) فكلمة: ((أرسلت)) أفادت الرسالة، ((ونبيك)) أفادة النبوة، بعكس العبارة الأولى "ورسولك الذي أرسلت"، ربما اقتصرت على الرسالة فقط. هذا مثال آخر، والأستاذ فيه هو النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي يعلم الصحابة الحرص على أداء اللفظ كما هو.
مثال ثالث: حديث الاستخارة، وهو حديث مشهور: ((إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين)) الأول هو من رواية مجموعة من الصحابة.