وتنهى عن الكذب، وإلى أنه مجرد فضيلة خلقية إذا تحلى بها صاحبها فقد اكتسب صفة طيبة، وإذا انتهى أو امتنع عنها أو لم توجد فيه فالأمر ليس خطيرًا؛ لأنه ليس عبادة وليس عقيدة، ولا شيء من هذا القبيل، ولا الأمر يتعلق بالجنة أو النار لا من قريب ولا من بعيد، عندنا في الإسلام الرواية أول سمة من سماتها: أن الإسلام حرم الكذب، حرم الكذب في حديث الناس بشكل عام، أن تنقل عني كلامًا لم أقله، وأن تنسب إليَّ ما لم أفعله مثلًا إلى آخره.
والذي يتهم فلانًا بأي نوع من أنواع الاتهامات كذبًا، هناك عقوبات مقررة في الإسلام شرعًا، يعني: المسألة ليست هينة، حين يتهم فلانٌ فلانًا بالزنا مثلًا -والعياذ بالله- إذا لم يأتِ بالدليل على ذلك سنقيم عليه حد القذف إلى آخره.
تفصيلات كثيرة جدًّا تؤكد هذا السمو الذي لا يوجد إلا في الإسلام.
ويشتد الكذب ويفحش إذا كان متعلقًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعني: الكذب بشكل عام فاحشة كبيرة لكنه يكون أشد فحشًا وأعظم خطرًا وأنكى على صاحبه إذا كان هذا الكذب متعلقًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي الحديثين من حديث أبي هريرة وغيره من جملة من الصحابة: ((مَن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار)) والحديث الآخر عند مسلم في مقدمته: ((إنَّ كذبًا علي ليس ككذب على أحد)) نعم، الكذب على النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس مثل الكذب على أي أحد من الناس؛ لأن الكذب على النبي -صلى الله عليه وسلم- كذب في التشريع -في الدين- إما بالزيادة منه وإما بالنقص منه، وكلا الأمرين على خطر عظيم.
لذلك اهتم المسلمون جدًّا بالرواية، بقوانينها المتسعة وتفصيلاتها الكثيرة التي تعطينا في النهاية روايةً صادقةً، فالمسلمون عندهم الكذب محرم، ومحرم تدينًا وعبادةً، وليس مجرد انحدار خلقي فحسب، والكذّاب يكتب عند الله كذّابًا،