وقد تكون الرواية منقطعة إذا حدث خلل في الإسناد ما بين الراوي الأخير وما بين مصدر الخبر من أعلى، كأن يكون سقط واحد من أول الإسناد، أو من وسط الإسناد، أو سقط اثنان، بالنسبة للحديث سقط الصحابي وهو الذي يسميه العلماء المرسل، فالتابعي يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهذه رواية منقطعة، وأنواع الروايات المنقطعة أنواع كثيرة، نرجع إليها في علوم الحديث، وخلاصتها أن الرواية إما أن تكون متصلة وإما أن تكون منقطعة.
إن للرواية في الإسلام مميزات وخصائص تنفرد بها عن كل أنواع الروايات قديمًا وحديثًا، خصائص الرواية التي تميزت بها في الإسلام لا توجد عند أمة من الأمم، لا من قبل ولا من بعدُ؛ فهي خصائص غير مسبوقة وغير ملحوقة، ونقول ذلك بكل الثقة وبكل التواضع وبكل اليقين.
وهذه المميزات للرواية في الإسلام نشير إلى بعضها؛ فنقول مثلًا: الإسلام حرم الكذب في حديث الناس، وأي كاذب ينقل الأخبار مخالفة للواقع فهو آثِم، والكذب من الكبائر الفاحشة: ((ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا)) إلى آخر ما نعلمه من تكذيب الحديث دينيًّا. ليس من تحريم الكذب في الحديث دينيًّا، كلمة "دينيًّا" تضيف إليه بعدًا هامًّا، الذين يشمئزون من الكذب لمجرد أنه نقيصة أخلاقية، هذا غير كافٍ في الابتعاد عنه، فقد تضطره الظروف أحيانًا إلى الكذب، أما أن يكون الأمر عقيدةً وعبادةً ويتوقف عليها وتحصل على حسنات، أو تكتسب سيئات -والعياذ بالله- فالمسألة تأخذ بعدًا آخر.
قد يقول قائل: إن الإنسانية كلها تشترك في ذم الكذب، نعم، لكن هناك فرق بين أن يصدر هذا الذم عن عقيدة تحرمه، أو عن فلسفة اجتماعية مثلًا تدعو للصدق