أيضًا أريد أن أضع أرقامًا لمزيد من التوضيح، هذه واحدة، هؤلاء صحابة كرام لهم منزلة سامية عالية في العلم، وفي القرب من النبي -صلى الله عليه وسلم- ويكفي أن فيه مثلا أبا عبيدة، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأبو طلحة، وأبي بن كعب الذي أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقرأ القرآن عليهم إلى آخره، ويقول الشافعي أيضًا، وقد كان الشراب عندهم حلالا يشربونه، فجاءهم آت وأخبرهم بتحريم الخمر، فأمر أبو طلحة وهو مالك الجرار بكسر الجرار، ولم يقل لا هو ولا هم ولا واحد منهم: نحن على تحليلها أي: على حلها الخمر حتى نلقى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع قربه منا.
يعني لم ينقل عن واحد منهم، ولا عنهم مجتمعين أنهم قالوا: سنظل نشربها حتى نلقى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ونسمعه منه، ولقاؤه ليس بعيدا نحن نسكن في نفس البلد التي هو فيها، وليس هذا فحسب، بل بيننا وبينه خطوات المدينة لم تكن كبيرة في ذاك الزمان، أو يأتينا خبر عامة يعني أو أن ينقل الأمر بخبر متواتر يعني لم يقولوا: سنظل نشرب حتى نلقى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ونسمع منه، ولم يقولوا: لم نمتنع؛ لأن الخبر لم يأتنا كخبر عامة أي: خبر متواتر وإنما خبر حال، وإنما مباشرة، كسروا الجرار وامتنعوا عن الشرب.
يقول الشافعي ـ رحمه الله ـ: "وذلك لأنهم لا يهرقون حلالا إهراقه سرف، وليسوا من أهله" يعني: لو أن الخمر حلال وأراقوها بدون التثبت لكانوا قد أراقوا مالًا حلالا، وإراقة الحلال سرف لا يقع فيه مثل هؤلاء الأجلاء من الصحابة.
أيضًا هم لم يقولوا: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبرهم أو أننا لن ندع حتى يخبرنا ونسمع منه أيضا لم ينقل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهاهم، لماذا فعلتم ذلك؟ ولم ينقل إليكم خبر مني ـ كما قلنا في القصة السابقة في تحويل القبلة ـ إنما يعلمون أن الحجة تقوم عليهم بهذا