الخبر الذي ليس بخبر عامة على حد تعبير الشافعي -رحمه الله تعالى- والذي يدل على تحريم الخمر، ولم حتى يستفصلوا أو يفسروا أو يتلكئوا أو يتأخروا، لن نقول حتى يلقوا النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى يتأكدوا من المخبر؟ وماذا يقول؟ ما دام سمعوا وعلموا أن الخبر أسند للنبي -صلى الله عليه وسلم- وتأكد إليهم صدقه بدون تردد أراقوا الخمر.
لقد كان هذا شأن الصحابة -رضوان الله عليهم- في كل شأن من شئون حياتهم كما نرى مر بنا في تحويل القبلة، مر بنا في قصة الخمر في مواقف كثيرة بمجرد أن يبلغهم الخبر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقولون: سمعنا وأطعنا، مر بهم في قضية الطاعون، والعياذ بالله ـ وقانا الله جميعا ووقى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ـ بمجرد أن أخبرهم المخبر، وهو عبد الرحمن بن عوف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لا يدخل أحد ولا يخرج أحد امتثلوا، وعشرات الأدلة تدل على ذلك، وكل هذا بخبر واحد وليس بخبر عامة.
أيضًا يستدل الشافعي -رحمه الله تعالى- بالحديث الذي هو معروف عند المحدثين بأنه حديث: العسيف، أو كان ابني عسيفا عند هذا فزنى بامرأته، فهذا في الصحيحين في كتاب: الحدود باب حد الزنا عند البخاري، وعند مسلم ـ رحمهما الله تعالى ـ من رواية أبي هريرة وأبي زيد الجهني، يقول الصحابي: ((إن ابني كان عسيفا عند هذا، فزنى بامرأته، فأخبروني أن على ابني مائة شاة ووليدة، فافتديت ابني بمائة شاة ووليدة. حتى جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- ... )) يعني: سأل بعض الناس ماذا أفعل؟ وقد زنى ابنه بامرأة الصحابي الذي كان يعمل عنده أو بامرأة الرجل الذي كان يعمل عنده؟ أخبره من أخبره أن من الممكن أن يفتدي نفسه بجريمة الزنا بأن يتصدق بمائة شاة وبوليدة، يعني: فتاة جارية أمة حديثة السن صغيرة، رفع الأمر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- طبعا أبطل هذا الحكم؛ لأن الولد عليه