أيضًا يقولون: إن العمل بخبر الآحاد يقتضي العمل بما ليس لنا به علم، وهذا مخالف لقول الله تبارك وتعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (الإسراء: 36) نقول: هذا مبني على وهمهم أيضًا من أن خبر الآحاد يفيد الظن، والظن ليس درجة من درجات العلم، بل هو وهم.
رددنا على هذه، بل إننا نقول: إن العمل بخبر الآحاد هو تمسك بما لنا به علم، وإن عدم العمل بخبر الآحاد هو فعلا يدخل تحت قول الله تبارك وتعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (الإسراء: 36).
فقد انعقد إجماع من يعتد به من أهل العلم على حجية خبر الواحد، وعلى وجوب العمل به والإجماع قاطع، فاتباعه -اتباعنا للإجماع الذي انعقد على حجية خبر الآحاد إنما هو إجماع لدليل قاطع لا يكون أبدا- اتباعًا لما ليس لنا به علم، بل العكس هو الصحيح، ولذلك يقول الشوكاني -رحمه الله تعالى- في: (إرشاد الفحول) في جزء 1 ص212 يقول: "ولا نزاع في أن خبر الواحد إذا وقع الإجماع على العمل بمقتضاه فإنه يفيد العلم؛ لأن الإجماع عليه قد صيره من المعلوم صدقه" وهكذا خبر الواحد أيضًا إذا تلقته الأمة بالقبول، ومن هذا القسم أحاديث صحيح البخاري ومسلم -رحمهما الله تعالى- هذا كلام الشوكاني.
يعني هو يقول: إن الإجماع قد انعقد على العمل بخبر الآحاد، وما دام الإجماع قد انعقد عليه، فإنه قد قطع بصدقهم، وأيضا إذا تلقته الأمة بالقبول كما ذكرنا قبل ذلك، كما في حديث أو أحاديث صحيحي البخاري، ومسلم -رحمهما الله تعالى- إذن العمل بخبر الآحاد ليس اقتفاء لما ليس لنا به علم كما توهموا، وإنما