إذن هذا الذي يقولونه من أن الظن وهم، وأنه لا يعمل به رددنا عليه، وأن العمل بخبر الآحاد معناه العمل بالوهم رددنا عليه بالقرآن الكريم بالإضافة إلى السنة المطهرة بمعنى أن الظن حتى مع القول بأنه ترجيح أحد الاحتمالين، فإنه يجب العمل به.
كما قلنا قبل ذلك: إن الأمة يجب عليها العمل بما غلب على ظنها بل كما قلنا: إن القرآن الكريم قد أثبت أمورًا مقطوعًا بها بأدلة ظنية، كما قلنا في تحريم القتل، وفي الاعتداء على الأموال، وفي الاعتداء على الأعراض ونحو ذلك، ولذلك أجمع علماء الأمة على أن الأمة يجب عليها العمل بما غلب على ظنها، وهذا أمر ذكرناه، نحن هنا فقط نناقش أن الظن ليس معناه الوهم - كما يعني- ينتزعون آية من القرآن الكريم يحاولون أن يحملوا عليها كل معاني الظن الواردة في القرآن الكريم، وفي السنة ثم يقولون: إن خبر الآحاد إذا عملنا به فقد عملنا بالظن، والعمل بالظن مذموم بنص القرآن الكريم.
فإننا نرد عليهم بأن الظن المذموم هو المرادف للوهم، وهو الخالي من الأدلة أو حتى من القرائن الترجيحية، وأثبتنا بالأدلة من خلال القرآن الكريم أن هناك آيات كثيرة اعتبرت الظن درجة من درجات العلم، وبنت عليه أحكامًا، وقد ذكرنا هذه الآيات، بل قلنا: إن القرآن الكريم أسس عقوبات بأدلة ظنية على أمور قطع بتحريمها -كما أشرنا.
إذن هذا الظن الذي يتكلم عنه المتكلمون هو غير الظن الذي يقوله أهل العلم من أن الظن معناه: أن نسبة الحديث إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يغلب على ظننا أنها ليست قاطعة، ومع ذلك نقول: إنها ليست مسلمة على الأقل عند معظم أهل المدرسة الحديثية.