إذن الظن على مراتب منها ما يرادف اليقين كما معنا، ومنها ما هو دون ذلك بناء على الأدلة التي يعتمد عليها الخبر لو أنني قلت إن خبر الآحاد ظني بمعنى: احتمال الخطأ والوهم على الراوي، فإن هذا الاحتمال يجوز بعد التثبت والتأكد من عدالة الراوي، ومقابلة روايته بروايات أقرانه من المحدثين ومن طلاب العلم الذين يتلقون عن المشايخ إذن يصبح الاحتمال بخطئه ووهمه بعد هذا البحث والاستدلال، هذا الاحتمال يصبح ضعيفًا، وبالتالي ينتقل خبر الآحاد من إفادته بالظن إلى إفادة العلم اليقيني ولا سيما إذا احتفت به قرائن تكسبه مزيدا من القوة كما ذكرنا قبل ذلك مثل أن يكون في الصحيحين أو في أحدهما مع العلم بأن الأمة قد تلقت الصحيحين بالقبول كما نعلم جميعًا.
أيضًا الظن يستند إلى أدلة قطعية من القرآن الكريم أقصد العمل بالظن يستند إلى أدلة قطعية من القرآن الكريم مثل ماذا مثلا حرمة الدماء وحرمة الأموال مقطوع بهما؛ لأنها ثابتة بالقرآن الكريم وثابتة أيضًا بالأحاديث، لكن الآن أعتمد على القرآن الكريم؛ لأن الجميع مجمع على أنه يفيد القطع في ثبوته نحن نعلم ذلك جيدا، فكل القرآن ثبت بالتواتر، فحين يقول الله ـتبارك وتعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} (الأنعام: 151) في أكثر من آية والآيات التي توعدت {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} (النساء: 93) إلى آخره كل هذه الآيات بالإضافة إلى الأحاديث أفادت بشكل قطعي أن الدماء محرمة، ومع ذلك حين نقيم الحد على القاتل، فإننا نقيمه بخبر الآحاد بمعنى: أن اثنين من الشهود العدول يشهدان بأن هذا القاتل قد قتل فلانًا، وبالتالي متى ثبتت عدالتهم عند القاضي أو عند الحاكم، فإنه يقتص من الجاني امتثالًا للقرآن الكريم: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} (البقرة: 179) إلى آخر ما نعلم من أدلة.