بمعنى أنني لا أجد حديثًا في الأعم الأغلب إلا وقد ورد عن أكثر من واحد، بمعنى مثلًا أنه قد سمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر من صحابة، قد لا يصل للتواتر نعم، لكن لم ينفرد بسماعه صحابي واحد مثلًا، هذا الصحابي رواه عنه بعض الناس، قد لا يصل إلى التواتر أيضًا، لكنه لم ينفرد بعنه واحد.

قضية الانفراد هذه قضية قليلة نادرة، موجودة نعم، وقلت: إن العلماء لم يستحبوا تتبع الغرائب خوفًا من الوقوع في الخطأ، ولكن أنا أطمئن كما قلت، يعني أنت حين تطمئن إلى أنه قل أن يوجد حديث إلا وقد ورد من أكثر من طريق، إذن هذا يزيدنا اطمئنانا، نعم النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله، بدليل أن أبا هريرة وأنس مثلًا، ومعه ثالث أو رابع سمعوه، إذن لم ينفرد برواية واحد فلان، رغم أن أي انفراد الصحابي بالذات، الصحابة كلهم عدول ثقات لا مشكلة في ذلك، وأيضًا هذا الصحابي له تلاميذ، لم ينفرد تلميذ واحد بالرواية عن هذا الشيخ عن هذا الصحابي، وهكذا في كل الحلقات.

مما يطمئننا على أن تعدد الطرق كان واحدًا من الأمور التي حفظ الله تعالى بها سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- بل إن سلفنا الصالح -رضي الله عنهم- ومنهم الصحابة علمونا أن نحاول أن نستزيد من طرق الحديث حتى لا يضيع، وهذا كان على رأس الأسباب التي جعلت أبا أيوب الأنصاري -رحمه الله تعالى، ورضي عنه- وجابر بن عبد الله كل منهما يرحل في طلب حديث واحد لمسافات كبيرة بعد كبر سنهما.

أبو أيوب رحل إلى مصر في طلب حديث لعقبة بن عامر، وجابر رحل في طلب حديث إلى عبد الله بن أنيس في الشام، كان أبو أيوب يقول لم يبق أحد سمعه غيري وغيرك. خافوا على الحديث أن يضيع، خصوصًا إذا انتهى جيل الصحابة، فأرادوا أن يؤدوا الأمانة كما حملوها.

والمهم أقول في النهاية: إن تعدد الطرق كان من توفيق الله تعالى لهذه الأمة، وهو أحد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015