موجود هذا عند الترمذي كثيرًا، فجمع في الوصف بين الغرابة وبين الصحة والحسن للدلالة على أن الغرابة لا تتعارض مع الصحة أو الحسن.

وأيضًا من الناحية الأخرى علماؤنا -رحمهم الله تعالى ورضي عنهم- لم يستحبوا تتبع الغرائب، هناك ولع عند بعض العلماء بتتبع الغرائب باعتباره قد يكون انفرادًا علميًّا أنك جمعت هذا الحديث لم يرد إلا من طريق هذا الراوي، وهذا الحديث لم يرد إلا من رواية الشاميين، سواء كانت الغرابة بالنسبة لبلد أو بالنسبة لشيخ معين، كغرائب الترمذي، غرائب مالك مثلًا؛ أي التي انفرد بها مالك، إلى آخره؛ لأن هذا الانفراد قد يوقع في الخطأ، فانظروا إلى دقة المحدثين، الأمر بين خطين مهمين جدًّا، لا ينبغي أن يكون هناك ولع بتتبع الغرائب، وفي نفس الوقت لا نرفض الحديث لأنه غريب، فقد يكون صحيحًا، ومعيار الصحة وغيرها هذا أمر له شروطه، وله دراسته عند العلماء.

أيضًا من الأمور التي تتعلق بالأحاديث الصحيحة أو الآحاد بأقسامه الثلاثة: المشهور، أو العزيز، أو الغريب. قلت: إن الأنواع الثلاثة تعتريها الصحة والحسن والضعف، وهذا يعني يجعل مسئولية أهل العلم خطيرة، بمعنى أنهم لا يجب أن يرووا الحديث بدون بيان درجته اعتمادًا على أي أمر آخر، إنما نقول: إنه لا بد للعالم أن يروي الحديث مقرونًا ببيان درجته، خصوصًا إذا كان هذا العالم من الذين لهم مكانة عند الناس، أو من الذين ينتشر علمهم في التلفاز في الفضائيات، له كتب مشهورة الناس تقرؤها مثلًا، لا بد من العناية جدًّا بالأحاديث التي يرويها.

أيضًا أطمئن المستمع الكريم، وأطمئن كل المسلمين على أنه يندر جدًّا أن تجد حديثًا في السنة له طريق واحد، هناك غرائب نعم، لكنها قليلة، ما فائدة هذه الملحوظة؟ مهمة جدًّا، بل أنا أعتبرها أنها من وسائل صيانة الله تعالى للسنة، كيف ذلك؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015