رواه عن يحيى بن سعيد الأنصاري وصل العدد إلى سبعمائة في بعض الروايات، أو إلى مائتي نفس، كما في بعض الروايات، وأشار إلى ذلك ابن حجر وهو يشرحه في أول أحاديث البخاري، وأشار إليه أيضًا في مقدمة (تهذيب التهذيب) وهو يتكلم عن الحاجة إلى استقصاء الشيوخ والتلاميذ في الرواية ونحو ذلك.
مهما يكن من أمر، فإن الغريب ما هو ما رواه راو واحد ولو في حلقة واحدة، وأنبه أيضًا إلى قضية مهمة، وهي أنه ليس معنى ذلك أن الآحاد أو أن الغريب بالذات يرويه واحد عن واحد عن واحد من أول السند إلى منتهاه، إنما معناه أنه قد نزل العدد ولو في حلقة واحدة إلى راو واحد، إنما قد يزيد ويكثر ويقل في بعض الحلقات.
مسائل مهمة قبل أن أنتقل إلى بعض الأمور الهامة أيضًا وبعض الشبهات، ما هي هذه المسائل المهمة؟ الغرابة ليست مرادفة للضعف، يعني ليس كل غريب ضعيفًا، وليس كل غريب صحيحًا، فهو يدرس كما يدرس المشهور، وكما يدرس العزيز، فإذا سلم لنا الإسناد، وسلم لنا المتن تأكدنا من صحته.
وأيضًا إذا وجدناه ضعيفًا، فهو ضعيف حتى لو كان مشهورًا على الألسنة كما ذكرنا.
المشهور الاصطلاحي: ما لا يقل العدد في روايته ولو في حلقة واحدة عن ثلاثة، لكن هناك شهرة لغوية، وهي أنه قد يستفيض على الألسنة، فليس معنى ذلك أنه صحيح.
إذن الغريب قد يكون صحيحًا، وقد يكون غير صحيح، ولذلك مثلًا لأن الترمذي -رحمه الله تعالى- في جامعه له عناية بالأحكام على الأحاديث كثيرًا ما نجده يقول: "هذا حديث صحيح غريب" أو "هذا حديث صحيح حسن غريب"