القيامة من خلال القرآن ومن خلال السنة؛ فالرّدّ إليه باقٍ أيضًا إلى يوم القيامة، وبذلك نحن مُلزمون بمقتضى إيماننا أن نردَّ أي أمر نناقشه ونتنازع حوله ونختلف فيه إلى الله -تبارك وتعالى- أي: إلى القرآن الكريم، وإلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}.

ثم سياق الآيات بعد ذلك سياقٌ عجيب، يبيِّن الموقف من التطبيق العملي لطوائف الناس، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} (النساء: 60) هؤلاء زعموا باختيارهم أنهم آمنوا بما أنزل إليك يا رسول الله -عليك الصلاة والسلام- وبما أنزل من قبلك أيضًا، هذا الإيمان أو هذا الزعم بمقتضى الآية السابقة يلزمهم بأن يردُّوا الأمر إلى الله -تبارك وتعالى- وإلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- لا هم يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت، والحق أنهم قد أُمروا أن يكفروا به.

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} الكفر بالطاغوت من ضرورات الإيمان، الطاغوت هنا مادة طغى فيها التجاوز والعدوان والاعتداء، وهو اسم لكل ما يمكن أن يتجه إليه من غير الله -تبارك وتعالى-؛ سواء في عبادة أو في تشريع، أو أي شيء، من ذلك.

لذلك مثلًا من مهمة الرسل أن يعلموا الناس الكفر بالطاغوت: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (النحل: 36) لا نعبد الله فقط؛ لأنه ممكن البعض يتصوّر لو لم تأتِ جملة "واجتنبوا الطاغوت" ربما يقول: أعبد الله وأعبد الطاغوت، فإغلاقًا لباب الفهم السقيم هذا نصَّت الآيات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015