يذكر الفعل أطيعوا مع أولي الأمر: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} يقول العلماء: تكرار الفعل أطيعوا هنا دلَّ على أن طاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- مطلوبة تمامًا كطاعتنا لله -تبارك وتعالى. هذه طاعة وتلك طاعة، أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، بينما طاعة أولي الأمر مرتبطة بطاعتهم لله -تبارك وتعالى-؛ لذلك لم يذكر الفعل معهم أطيعوا على وجه الاستقلال، هذه دلالة أخرى في الآية.
أيضًا، رغم أهمية هاتين الدلالتين إلا أن الآية عادت وعلَّقت الإيمان على ذلك، فقال الله -تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ} علَّقت الإيمان على ردِّ التنازع إلى الله وإلى الرسول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}.
إذن، أيُّ أمر نختلف فيه حكمه إلى الله {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (الشورى: 10) وإلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- بمقتضى الآية، وتعليق الإيمان على ذلك يُبيّن أن الذي يُنازع في هذه المسألة ليس له حظّ في الإيمان.
ونلاحظ بلاغة القرآن الكريم: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} ما الفرق بين التعبيرين؟ واضح.
{إِلَى اللَّهِ} أي: إلى كتاب الله، وهذا من البدهيَّات، كيف سنردُّه إلى الله، وهذا فهم إجماع الأمة على ذلك: ردُّوه إلى الله أي: إلى كتاب الله -تبارك وتعالى-، وإلى الرسول لو قال: إلى محمد هؤلاء الناس الذين يجادلون في كل شيء ربما قال أو زعم قال: إن محمدًا قد مات، فانتهى الرَّدّ إليه بموته، لو كان التعبير فردُّوه إلى الله وإلى محمد، كيف نأتي بمحمد لنردَّ إليه الأمر، لكن بما أن رسالته باقية إلى يوم