الرسل: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} (المؤمنون: 51). ونادى نبينا -صلى الله عليه وسلم- في نداءات كثيرة {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ}، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} في مطلع سورة التحريم، وفي مطلع سورة الطلاق، وفي مطلع سورة الأحزاب، وفي آيات كثيرة: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} (المائدة: 41) {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (المائدة: 67) كل نداء من هذه النداءات مقصود، وحين يقول الله -تبارك وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا" فإن ما بعد هذا النداء هو من مطلوبات الإيمان.
وكأن الله -تبارك وتعالى- يقول لنا: لا تستحقون أن تُنادوا بهذا الوصف إلا بعد أن تُطبّقوا ما بعد النداء؛ لأنه من مطلوبات الإيمان، وكمثال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} (الحج: 77) من عناصر الإيمان الركوع والسجود، {وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ}، ولو لم نفعل ذلك؛ لا نستحقُّ أن نُنادى بوصف الإيمان.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (آل عمران: 200) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (الحجرات: 1) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} (الحجرات: 2) إلى آخر هذه النداءات، فحين يقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء: 59) إذن النداء بوصف الإيمان يقتضي وجوب العمل بما بعد النداء، وأنه من متطلبات الإيمان، وإلا لا نستحق أن ننادى بهذا الوصف، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} فطاعة الرسول واجبةٌ على المؤمنين بمقتضى هذا النداء وبدلالته، هذا وجه من وجوه الدلالة في الآية.
أيضًا، تكرار الفعل "أطيعوا" مع الله -تبارك وتعالى- ومع رسوله -صلى الله عليه وسلم- بينما لم