-تبارك وتعالى- قبل ذلك في سورة البقرة: {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِين} (البقرة: 252) {وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِين} تقتضي الإيمان برسالته واتباعه في كل ما يأمر به وينهى عنه، لكن قد يجادلني البعض: أنا مؤمن برسالته لكن الآية ليست قاطعة في وجوب اتباعه، سنغلق الباب أمام هذا النقاش العقيم بالتركيز على الآيات التي قطعت في وضوح وجلاء بما لا يدع مجالًا للبس والتوقف في إعلان الآيات صراحة عن وجوب اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم.
ولذلك سأبدأ بسورة النساء بعد أن وضحت طبيعة العلاقة أو منهج الاستدلال بالآيات يقول الله -تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (النساء: 59) في الآية مجموعة من الدلالات التي تُبيّن وجوب اتباع السنة، وتحذّر من خطورة اجتنابها أو الابتعاد عنها، بل تعلق الإيمان على ذلك.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} هذا نداء بصفة الإيمان، وحين نستعرض القرآن الكريم نجد القرآن الكريم قد نادى بأوصاف متعددة، نادى الناس جميعًا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُم} (البقرة: 21)، {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (الأعراف: 158)، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} (الحج: 73) فالناس جميعًا مُرادون بهذا النداء، ونادى بني آدم: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} (الأعراف: 26) {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ} (الأعراف: 27)، وقد تكرر النداء بـ "يا بني آدم" في القرآن الكريم خمس مرات: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} منها أربعة في سورة الأعراف، والخامسة في سورة يس، ونادى حتى الكفار: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ}، ونادى