تتكون من أصابع، وكل أصبع من بنان إلى عقد وبراجم إلى آخره فيه كفّ له بطن وظهر، فيه ساعد، من أول الرسغ إلى المرفق، فيه عضد من المرفق إلى المنكب إلى آخره. كلها أجزاء لكنها في النهاية تكون مجموعًا واحدًا يُطلق عليه اليد.
ولذلك في آية الوضوء مثلًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} (المائدة: 6) إلى المرافق، إلى المرافق لماذا جاءت؟ لتبين الغاية، أو المدى الذي تُغسل فيه اليد، ليس إلى المنكب، وإنما إلى المرافق، ولو جاءت الآية فاغسلوا أيديكم فقط، ولم يكن يُنقل لنا شيء من السنة بالتقييد لكان يجب علينا أن نغسلها إلى المنكب، لكن لمَّا أراد الله -عز وجل- هذا القدر فقط حدَّده بقوله -تبارك وتعالى- إلى المرافق ليبين أن اليد تُطلق كما ذكرنا في اللغة، وفي الشرع على ذلك العضو من أول الأصابع إلى المنكب أي: إلى التقاء العضد بالكتف، التقاء العضد بالكتف يُسمى منكبًا، هذا ظاهر الآية، بالإضافة إلى أن الآية لم تُحدّد نصاب السرقة يعني: ما هو القدر المسروق الذي تُقطع فيه اليد؟ وما هي شروط السرقة، وهذه تفصيلات أخرى جاءت في السنة.
كيف طبَّق النبي -صلى الله عليه وسلم- حدَّ السرقة حينما جاءه سارق قد سرق؟
في الحديث أخرجه مجموعة من كتب السنة، البيهقي وغيره: ((أُتي بسارق إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقطع يده من مِفْصَل الكَفِّ -يعني: بمقدار الكف فقط)) الآية لو أنني أخذت بها كما وردت: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} سأقطع اليدين معًا لكل سارق، لم يقل الله -تبارك وتعالى-: فاقطعوا يداهما، إنما قال: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} إذن نقطع اليدين معًا لكل سارق، وبالمقدار الذي ذكرناه من أول الأصابع إلى المنكب.
السنة طبقت الحد: أُتي بسارق للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقطع الكف فقط، ومن يد واحدة، النبي -صلى الله عليه وسلم- أعلم الأمة بمراد ربه -عليه الصلاة والسلام-، وهو الذي أوكل الله -تبارك وتعالى- إليه