ولم نعطها نحن تعصبًا له أو منحة أو هدية، هذا حكم الله -سبحانه وتعالى- الذي على كل مؤمن يُؤمن بالقرآن والسنة أن يخضع له.

أيضًا، من الآيات التي وردت بلفظ عام، وخصصتها السنة المطهرة قول الله -تبارك وتعالى- في سورة الأنعام: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} (الأنعام: 82) هذه الآية لما نزلت وجل الصحابة جدًّا، وخافوا، معنى الآية بإيجاز: الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أي: لم يخلطوا إيمانهم بظلم، لم يخلطوا إيمانهم بأي نوع من أنواع الظلم، هؤلاء فقط الذين لهم الأمن ولهم الهداية.

إذا عرفنا الظلم كما يقول العلماء: هو وضع الشيء في غير محله، في أي ميدان، تُطلق بصرك إلى غير ما يجوز، هذا وضع للبصر في غير محله، فهذا ظلم، إنفاقك للمال أو جمعك له من غير ما يجوز، أو في غير ما يجوز هذا ظلم، إرسالك للسمع ليستمع إلى ما لا يجوز لك أن تسمعه هذا ظلم، رِجلك إذا سعت إلى شيء خطأ، وهكذا وهكذا، على هذا المعنى هل يوجد واحد من المؤمنين لم يظلم نفسه بصورة ما؛ لذلك خاف الصحابة وهم أهل الورع والتقوى، وهم الذين عاشوا كأنهم عاينوا الجنة والنار، وكأنهم رأوها رأي العين، فخافوا ووجلوا قالوا: ((يا رسول الله، وأينا لم يظلم نفسه؟)) فقال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ليصحح لهم هذا الفهم: ليس كما تفهمون، بيَّن أن المراد بالظلم في الآية هو الشرك، هذا الحديث رواه البخاري بسنده إلى عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال: ((لما نزلت {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} قلنا: يا رسول الله، أيُّنا لا يظلم نفسه؟ قال: ليس كما تقولون لم يلبسوا إيمانهم بظلم: بشرك)) ففسر الظلم هنا بالشرك، واستدل على ذلك، قال لهم: ((أو لم تسمعوا إلى قول لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان: 13))).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015