وخصصتها، من ذلك مثلًا قول الله -تبارك وتعالى- في آياتِ المواريث في سورة النساء: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} (النساء: 11) إلى آخر الآية. والآية التي بعدها: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (النساء: 12) إلى آخر الآيات.

لو أخذت الآية بظاهرها سأطبقها على كل حالات الإرث، بصرف النظر عمن هو الموروث ومن هو الوارث، الآية بعمومها تنطبق على كل أصل موروث يرثه فرعه الوارث على التفصيلات المذكورة في الآيات، وأيضًا في الأحاديث الواردة في هذا، جاءت السنة وخصصت ذلك العموم، مثلًا ((لا نورث ما تركناه صدقة)) هذا حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- يتكلم عن الأنبياء يقول: ((لا نُورث ما تركناه صدقة)) يعني: الأنبياء لا يُورثون، هذا رواه البخاري في كتاب الفرائض، باب قوله "لا نورث"، ورواه مسلم في كتاب الجهاد باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم- "لا نورث"، يعني: الأنبياء لا يُورثون، أو لا يُوَرَّثُون ما تركوه صدقة، لا ينتقل بالإرث من أبنائهم أو غير أبنائهم؛ حسب الترتيب المذكور في آيات المواريث وفي أحكامه.

هذا الحديث خصََّص الآية، وليس هو المُخصِّص الوحيد للآية، هناك مخصصٌ آخر، وهو اختلاف الديانتين بين الأصل الموروث والفرع الوارث، وذلك في قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يرث المسلمُ الكافرَ، ولا يرث الكافرُ المسلمَ))، هذا أيضًا رواه البخاري في كتاب الفرائض، باب لا يرث المسلم الكافر، ومسلم رواه أيضًا في كتاب الفرائض في أوله، من حديث أسامة بن زيد -رضي الله تعالى عنهما-.

إذن، هذا أيضًا مخصص آخر، مخصص ثالث إذا قتل الفرع الوارث أصله الموروث لا يرثه؛ وذلك بقوله -صلى الله عليه وسلم: ((لا يرث القاتل)) وهذا حديثٌ رواه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده، في الجزء واحد ص49، ورواه أبو داود -رحمه الله تعالى- في كتاب الديات، ورواه غيرهم أيضًا.

إذن، هناك مخصصات للآية، جاءت من خلال السنة، وكأن الآية يكون معناها على الوجه التالي بعد هذه المخصصات: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} إلى آخره، نستطيع أن نقول: إلا إذا كان الأصل الموروث نبيًّا؛ فإنه لا يُورث؛ وذلك لقوله -صلى الله عليه وسلم: ((لا نورث))، وعند اختلاف الديانتين بين الأصل الموروث والفرع الوارث؛ فإنه لا توارث، وذلك من قوله -صلى الله عليه وسلم: ((لا يرث المسلمُ الكافرَ، ولا يرث الكافر المسلمَ))، وأيضًا إذا قتل الفرع الوارث أصله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015