لكن إذا أردنا أن نأخذ هذا الأمر الإلهي، وننزل به إلى موقع التنفيذ، هيا بنا نُقيم الصلاة من خلال القرآن الكريم فقط، الظهر أربعًا، أين نجدها في القرآن الكريم؟ العصر أربعًا، الظهر عند استواء الشمس في كبد السماء، كما يقول الفقهاء في تحديد وقته، العصر عندما يصير الظل كل شيء مثليه، المغرب عند غروب الشمس إلى آخره. هذه التفصيلات التي نعرفها في الفقه من خلال أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- بأركان الصلاة، وسنن الصلاة، وأوقات الصلاة، والقراءة في الصلاة، ومبطلات الصلاة، وشروط صحة الصلاة، تفصيلات استغرقت أحاديث كثيرة، وكُتب كثيرة عُنيت بها، كل كتب السنة التي جمعت أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- ستجد فيها كتاب الصلاة، عند البخاري، وعند مسلم، وعند الترمذي، وعند النسائي؛ لأهمية الصلاة، ولتفصيلاتها الكثيرة يعني: أفردوها في كتب، وكتب الفقه أفردتها في شروح كثيرة.
هكذا نرى أن السنة هي التي فصّلت الصلاة، ولولا السنة ما استطعنا إقامة هذا الركن الهام والخطير، الذي يفصل بين المؤمن وغيره من ضمن ما يُفصل به بين أهل الإيمان وأهل الكفر، لولا السنة لما استطعنا تطبيق هذا الركن الهام في الإسلام.
ومثل الصلاة الزكاة، وهي الركن التالي للصلاة، أيضًا وردت آيات تحثُّ على الزكاة، وتبيّن أنها أمر هام في الإٍسلام، وأنها أحد أركانه، وأيضًا في نفس سورة المؤمنون: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُون} {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} (المزمل: 20) إلى آخر الآيات الكثيرة، لكن إذا أردنا أن نَنزل بالزكاة إلى واقع التطبيق لن نستغني أبدًا، بل لن يمكننا أبدًا أن نفعل ذلك إلا من خلال السنة المطهرة، أين توجد زكاة عروض التجارة في السنة؟ أين توجد زكاة الإبل والغنم في السنة؟