إذن، لا يستطيع أحدٌ أن ينازع في هذه المهمة للسنة، وإلا تناقض مع القرآن الكريم نفسه؛ فتبطل دعواه من الأصل بالاكتفاء بالقرآن، كما يزعم بعض أبناء هذه الدعوى.
كيف تبين السنة المطهرة القرآن الكريم؟
في الحقيقة، أن كلمة بيان كلمة مفردة، لكن تحتها أنواع كثيرة:
منها: أنها تفصِّل مجملًا، الأمر يأتي في القرآن الكريم موجزًا يحتاج إلى تفصيل، ولولا هذا التفصيل لما فهمنا المراد من القرآن الكريم، ولما استطعنا تطبيقَ أحكامه، وهذا نوعٌ من أنواع بيان السنة للقرآن الكريم، يُسمِّيه العلماء تفصيل المجمل، من أمثلة ذلك "الصلاة"، ماذا ورد في القرآن الكريم عن الصلاة؟ كلها آيات تدعو إلى وجوب المحافظة على الصلاة وبيان أهميتها في الإسلام، وأنها أحدُ الأعمدة، وأحد الأركان الإسلام الحنيف، وامتدح الله -تبارك وتعالى- المؤمنين في أكثر من آية؛ لأنهم يقيمون الصلاة ويحافظون عليها، ومن ذلك قوله -سبحانه وتعالى- في سورة المؤمنون: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} (المؤمنون: 1: 3)، وختم الآيات: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (المؤمنون: 9) وفي سورة المعارج: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} (المعارج: 19: 23)، وورد الأمر الإلهي في سورة البقرة بضرورة المحافظة على الصلوات كلها: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (البقرة: 238)، وبيَّن الله -عز وجل- أن الصلاة على المؤمنين كتاب موقَّت محدد: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (النساء: 103).