على الوجه الذي ذكروه، هذا مما يدعِّم الله به أنبياءه ويساعدهم به، ويقدِّم الأدلة على صدقهم فيما يخبرون به عن الله -عز وجل-.
وأيضًا في قصة سيدنا عيسى في القرآن الكريم: {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ} (آل عمران: 49) يعني: كيف عرف ما يأكلون، وحتى الذي يدخرونه في البيوت؟ أي: الذي لا يطلع عليه أحد إلا أهل البيت؟ وبالنسبة لنبينا -صلى الله عليه وسلم-.
كل هذه أدلة في القرآن الكريم، ليست في أحاديث حتى نجترئ عليها أو نردها، إنما هي في القرآن الكريم: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} (الفتح: 27) أخبرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك قبل وقوع المسألة، وحتى لما ذهب ورُدَّ قال له عمر: ((ألم تخبرنا أننا سندخل؟ قال: هل قلتُ لكم من هذا العام؟)) الآية لا تحديد فيها للعام الذي يدخلون؛ ولذلك مرَّ أبو بكر مرة ثانية: "الزم غَرْزَه؛ فإنه رسول الله"، هو الذي يُوحَى إليه، هو المعصوم بالوحي، ينصح الفاروق -رضي الله عنه- بذلك على قوة إيمان الجميع، بفضل الله -تبارك وتعالى-.
إذن الأحاديث التي تتضمن شيئًا من الغيب سواء الماضي أو الذي يتعلق بأمر مستقبل، إنما هي من أقوى الأدلة على صدق نبوة الرسل، وعلى رأسهم سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ولذلك ينبغي أن نتنبه:
لماذا كانت أحاديث الغيب محلًّا لإثارة الشبهات؟
لأنه يؤخذ منها الدليل على صدق النبوة، وهم يريدون أن يشككوا في النبوة، هذا هدفهم، هم طبعًا لا يفصحون عن هذا الهدف، إنما يحاولون أن يُظهروا هذا