يدعوهم إلى العقيدة، للدخول في الإسلام ذاته: ((أسلمْ تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين)) قيلت هذه العبارة لهِرَقْل ولكسرى وغيرهم، حين أرسَل معاذًا إلى اليمن: "إنك تأتي قومًا أهل كتاب، أول ما تطلب منهم، اطلب منهم أن يشهدوا ألا إله إلا الله، وأني رسول الله -هذه عقيدة- وإن هم أجابوا لذلك أو أطاعوا ذلك أُخبرُهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة".

عشرات الأدلة على أن أخبار الآحاد يُعمَل بها في العقائد، ويعمل بها في الأحكام، وفي كل ذلك، ولا سبيل أبدًا للتفريق في الإسلام بين العقيدة وبين التشريعات؛ فكلها من أمور الدين، وكلها مطلوبة، نعم، بعضها أهم من بعض، لا ننازع في هذا، لكنَّ درجة ثبوتها واحدة، نحن لا نأخذ أمرًا حتى نقرّ بفضائل الأعمال، إلا إذا كان قد ثبت بدليل قوي يحتج به.

إذن القول بأنه خبر آحاد هذا قول مردود عليه بوجوب العمل بخبر الآحاد، والحديث كما قلت رواياته كثيرة، ويُعْمَل به، وليس فيه أبدًا ما يجعلنا أن نقول: إنه خبر آحاد ولا نعمل به.

هذه الشبهة أنا أود أن يغلق الباب حولها، لا يصح أن نَلُوكها في كل صغيرة وكبيرة، بعد هذه الأدلة المتعددة التي وردت في القرآن والسنة، تبيَّن أن حديث الآحاد يعمل به في كل شيء، ولقد أحلنا حين تكلمنا عن هذه القضية إلى رسالة الإمام الشافعي باعتبارها أصلًا في هذا الباب، وكتابًا مهما جدًّا في هذا الباب، وقد ذَكَرَ أكثر من ثلاثين دليلًا من القرآن والسنة على وجوب العمل بحديث الآحاد خاصة في العقائد، وفي الأحكام، وفي كل ذلك، وأن الذين فرَّقوا بين أمور الإيمان والعقائد وغيرها وفي الاحتجاج بالأدلة، لا يستندون إلى أدلة من القرآن أو السنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015