متخصصين فَهُم لا يلتفتون إلى المتون وكيفية التعامل معها، متن الحديث نفسه يردّ على هذه الشبهة، وهي شبهة أن سيدنا موسى لا يريد الموت.

لكن دعنا نقول: ((من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه)) ما هو التطبيق العملي لهذا الحديث؟ وهذا التطبيق العملي ليس من عندنا، هو في (الصحيحين)، أمّنا عائشة تسأل إن كان المراد ما يَنْتَابُنَا من كراهية الموت، فكلنا نكره الموت، كلنا نخشى الموت ونكرهه، فإن كان هذا الحديث ينطبق على هذه الحالة من كراهية الموت جميعنا نقع تحت هذا المحظور، والله -عز وجل- في الحديث القدسي سجَّل علينا أننا نكره الموتَ، يقول -سبحانه وتعالى- في الحديث القدسي: ((يَكْرَهُ الموتَ وأنا أكره مَسَاءَتَه)) فكراهية الموت مُسجَّلة على البشر.

لكن حديث بالذات: ((من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه)) التطبيق العملي والفهم الذي أقوله الآن ليس من عند نفسي، إنما تطبيقه من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينما سُئل: هل هذا الحديث المعنيّ به الحالة التي تنتابنا من الخوف من الموت في الدنيا؟ لا، فسره بأنه عندما يقبل الإنسان على الموت فعلًا ويعاين الآخرة، ويرى ما هو مقبل عليه، تنطبق عليه هذه الحالة، إن كان من أهل التوفيق والفلاح والسداد، فيرى موقعَه الطيب الذي أعدّه الله -تبارك وتعالى- له فيفرح بلقاء الله؛ لأنه سيذهب إلى تلك المكانة الطيبة السامقة السامية والجنة بإذن الله -تبارك وتعالى- فيفرح بلقاء الله ويفرح الله تعالى بلقائه، وإن كان مكانه على غير ذلك -ونسأل الله أن يعيذنا جميعًا من هذا- فإنه يخاف ويتألم، ويُقْبِل على الله بنفس كريهة وقلب رافضٍ، لكنه لن يتمكن من الهروب، لكنه رأى آخرته وما هو مقبل عليه من عذاب، فكره ذلك، ويكره الله -تبارك وتعالى- لقاءه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015