بغير موجب أبدًا وبغير مبرر، إنما فقط ليُثيروا الشُّبَه والإشكالات التي لا تساعدهم الرواية على ذلك.

الخلاصة:

أن ملك الموت جاء على هيئة رجل ولم يخيِّر سيدنا موسى، وسيدنا موسى ظنه رجلًا يريد إيذاءه فدفعه عن نفسه فلطم عينه من غير قصد للإيذاء، وذهب واشتكى إلى ربه فردَّ الله تعالى عينه، أَذِنَ الله لموسى في تلك اللطمة؛ امتحانًا للملطوم، أيضًا هذا وجه آخر قاله العلماء، وهو لا بأس به، وكما قلنا هناك من يقول: إنه على سبيل المجاز، أي: غلَبَه بالحجة، وهذا وارد في اللغة، يقولون: فقأ عينه، أي: أقام عليه الحجة وأفحمه، ومع ذلك فعلماؤنا لم يرتضوا هذا الوجه؛ لأنهم لم يقبلوا بصرف الحديث عن ظاهره، وأيضًا لم يقبلوا أن يقال معها: إن هذه العين متخَيَّلة وليست حقيقية، وردَدْنا وبيَّنَا أن القرطبي -رحمه الله- بيَّن أنه قول فاسد يترتب عليه قول آخر خطير، وهو أن الأنبياء حين يرون صورًا للملائكة فهي لا حقيقة لها، وهذا أمر خطير جدًّا.

والقرطبي -كما قلنا- رجح، أو كان أقوى الأقوال عنده، أن سيدنا موسى ملك الموت لم يخيّره، فأراد أن يدفع الأذى عن نفسه بذلك، وسيدنا موسى يعلم أن الأنبياء لا تُقْبَض أرواحهم إلا إذا خُيِّروا.

في قضية أن سيدنا موسى يكره الموت:

ليس في الحديث أبدًا ما يبين أن سيدنا موسى يكره الموتَ، هو ليس فيه إلا كلمة الملك: ((أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت)) سيدنا موسى لم يقل: إنه لا يريد الموت، بل بالعكس، أنا أتعجب من الذين يُثيرون الشُّبَه، ولأنهم غير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015